لامكان تصديق قوله : إذا لم تسافر فلا تقصّر وقوله : إذا خفت فقصّر. فيصدق المفهوم لأنّ الشرط هو انضمام السفر إلى الخوف ، وإذ لا سفر فلا تقصير. ويصدق قوله : إذا خفت فقصّر ، لأنّ الخوف جزء موضوع وجوب التقصير. كما أنّه لا تعارض بين المفهومين وهما إذا لم تسافر فلا تقصّر وإذا لم تخف فلا تقصر ، لأنّ كلا من السفر والخوف إذا كان جزء الموضوع كان الحكم منتفيا عند انتفاء كلّ منهما.
والخلاصة : هي أنّ التعارض والتنافي إنّما هو في دعوى كلّ من الشرطين أنّه لا عدل له ولا ضميمة مع فرض كونه مؤثّرا ، فتأثير كلّ منهما في وجوب التقصير لا يجتمع مع كون كلّ منهما لا يقوم مقام الآخر ولا يعتبر انضمامه اليه. وإن شئت فقل : إنّه بعد فرض كون كلّ منهما مؤثّرا في وجوب التقصير لا بدّ من الالتزام بكون أحدهما يقوم مقام الآخر ، أو بكون أحدهما ضميمة للآخر ، فلاحظ.
ثمّ إنّ في المقام شيئا آخر ربما كان هو المنشأ في وجوب التوقّف الذي أفاده شيخنا قدسسره ، وهو أنّ مثل قوله : ( إذا سافرت وجب عليك تقصير الصلاة ) وإن كان باصطلاح المنطقيين من القضايا الشرطية المهملة ، حيث إنّ سور الشرطية المتّصلة هو كلّما ونحوه ، إلاّ أنّها كلّية بحسب المتفاهم من القضايا الشرطية الواردة في بيان الأحكام الشرعية ، لأنّها أحكام قانونية كلّية ، وحينئذ يكون قوله : ( إذا سافرت وجب القصر ) بمنزلة قوله : كلّما سافرت وجب القصر. ثمّ ننقل الكلام إلى الحكم في ناحية الجزاء ، وهو قوله وجب القصر ، فنقول : هل المراد منه الأعمّ من جهة الحدوث والبقاء ليكون محصّله كلّما سافرت كان الوجوب متحقّقا ، سواء كان حادثا بحدوث السفر أو كان حدوثه سابقا على حدوث السفر