وإلاّ لكان عدم أحد الضدّين المتزاحمين من مقدّمات وجود الضدّ الآخر كما حقّق ذلك في مبحث الضدّ (١).
وأمّا الدليل على التكليف بالنسبة إلى الأصل النافي له فهو على تقدير وجوده يكون رافعا لموضوع الأصل العملي. هذا بالنسبة إلى نفس المتفحّص عنه الذي هو المقام الأوّل.
وأمّا المقام الثاني ، أعني سقوط الأصل قبل الفحص وعدم حجّيته ، فهل يكون ذلك من باب عدم المقتضي أو من باب وجود المانع ، فإن استندنا في عدم الحجّية قبل الفحص إلى العلم الاجمالي ، فهو على الظاهر من باب وجود المانع ، لأنّ العلم الاجمالي على خلاف مقتضى الأصل مانع من الرجوع إليه ، من دون فرق في ذلك بين الأصول اللفظية والأصول العملية. نعم لو استندنا في الأصول اللفظية إلى المعرضية وفي الأصول العملية إلى القيام بما هو وظيفة العبودية ، كان سقوط الأوّل لوجود المانع وهو المعرضية ، وسقوط الثاني لعدم المقتضي.
وربما يتوهّم أنّ سقوط الأوّل لعدم المقتضي أيضا ، لأنّ المعرضية توجب عدم انعقاد الظهور أو لا أقل من عدم حجّيته في الكشف عن المراد.
ولكن لا يخفى أنّ الأمر وإن كان كذلك إلاّ أنّ عدم انعقاد الظهور أو عدم الحجّية لم يكن لقصور في المقتضي وإنّما هو لأجل المانع ، وهو كون الكلام في معرض التخصيص بواسطة كون ديدن ذلك المتكلّم الخاصّ على الاعتماد على ما يأتي من القرائن المنفصلة.
ثمّ إنّ كون سقوط الأصول العملية قبل الفحص من باب عدم المقتضي
__________________
(١) راجع أجود التقريرات ٢ : ١٠ وما بعدها ، وراجع أيضا المجلّد الثالث من هذا الكتاب الصفحة : ١١٤ وما بعدها.