الفسق ، وذلك ممّا ينبغي القطع بعدم استفادته من دليل لا تكرم الفسّاق ، ولو دلّ الدليل عليه لكان جريان أصالة عدم الفسق بما هو مفاد ليس الناقصة غير نافع فيه فضلا عمّا هو مفاد ليس التامّة ، فإنّ استصحاب القضية القائلة ليس زيد فاسقا لا ينفع في إثبات اتّصافه بعدم الفسق فضلا عن استصحاب العدم المطلق المتعلّق بالفسق ، وينحصر الأمر في استصحاب الاتّصاف المذكور.
وحينئذ فينحصر الأمر في المرتبة الثانية بمعنى أنّ قوله لا تكرم الفسّاق يدلّ على تقيّد العلماء بعدم الفسق بحيث يكون عدم الفسق معتبرا في العالم ، من جهة انقسامه إلى الفاسق وعدم الفاسق ، والتخصيص دلّ على إخراج الأوّل ، فيبقى النوع الثاني وهو عدم الفاسق ، وحيث إنّ عدم الفاسق في قبال الفاسق فلا بدّ أن يكون مركز التقابل هو العالم بعد وجوده ، إذ قبل وجوده لا يلحقه عنوان الفاسق ، ففي تلك المرتبة لا يلحقه عنوان عدم الفاسق ، فيكون العدم المأخوذ قيدا هو العدم بعد وجود أصل الذات ، فقبل الوجود لا أصل لهذا العدم كي يستصحب ، وجرّ العدم الثابت قبل الوجود إلى ما بعد الوجود لا يثبت به ما هو المطلوب من العدم بعد الوجود إلاّ بالأصل المثبت كما أفاده قدسسره (١) فراجع وتأمّل.
بقيت في المقام شبهة راجعة إلى دعوى تحقّق هذا العدم قبل الوجود من جهة صدق السالبة البسيطة مع عدم وجود الموضوع ، تعرّض لجوابها قدسسره فيما حرّرناه عنه في مسألة [ اللباس ] المشكوك فراجع (٢). وحاصل ما أفاده قدسسره في الجواب عن هذه الشبهة أوّلا : بمنع المبنى وأنّ الأشياء لا تحقّق لها قبل وجودها العيني. وثانيا : أنّ تحقّقها في ذلك الظرف على نحو وجودها العيني ، فهي إمّا أن
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٣٢٩ ـ ٣٣٧.
(٢) مخطوط ، لم يطبع بعد.