مختصّا بالمكلّف دون ما يكون منه مشتركا بينه وبين المتكلّم. ( قلت : وبعبارة أخرى أوضح وأبعد من سوء الأدب ، أنّ الشارع بما أنّه شارع ليس من وظيفته إزالة الجهل الناشئ عن الشبهات الموضوعية ). وأجاب عنه بأنّه يمكن للشارع أن يجعل لهذا الجهل أمارة ، وحينئذ لا مانع من جعل أصالة العموم أمارة في هذه المرتبة من الشكّ كما أنّها أمارة في المرتبة السابقة منه أعني الشبهة الحكمية على ما مرّ منه في الوجه الثالث.
الوجه الخامس : وهو الذي قد اختاره في المقالة ( وإن كان عند ما كنت أحضر درسه (١) قد اختار ما قدّمنا نقله ) وعلى كلّ حال أنّ محصّل هذا الوجه الذي قد اختاره هو دعوى قصور الظهور التصديقي الذي هو عبارة عن كون الألفاظ كاشفة عن المرادات ، فإنّ الظهور إنّما يتأتّى في الموارد التي يكون الآمر ملتفتا إلى ما يتعلّق به مراده منها ، أمّا ما يكون خارجا عن علمه فلا يعقل أن يكون المتكلّم قاصدا بكلامه كشفه وإبرازه. ثمّ ذكر أنّ هذا الوجه هو الذي يريده صاحب الكفاية قدسسره فقال بعد توضيحه الوجه المذكور : ولقد أجاد شيخنا الأعظم فيما أفاد في وجه المنع بمثل هذا البيان ، ومرجع هذا الوجه إلى منع كون المولى في مقام إفادة المرام بالنسبة إلى ما كان هو بنفسه مشتبها فيه ، فلا يكون الظهور حينئذ تصديقيا كي يكون واجدا لشرائط الحجّية ، لا إلى منع شمول دليل الحجّية للظهور من حيث كونه أمارة لتعيين الموضوع كما توهّم ، كيف ومع الاغماض عمّا ذكرنا لا قصور في جعل المولى هذا الظهور أيضا من الأمارات على تعيين الموضوعات كسائر الأمارات المجعولة منه حتّى بالنسبة إلى ما هو بنفسه جاهل بوجوده كما هو ظاهر واضح ، وحينئذ العمدة في وجه المنع هو الذي أشرنا (٢)
__________________
(١) في سنين ما بين الأربعين والثلاثين بعد الثلاثمائة والألف [ منه قدسسره ].
(٢) مقالات الأصول ١ : ٤٤٣ ـ ٤٤٤.