المشكوك الفسق ممّا لم تتحقّق فيه الحجّة الفعلية على خلاف حكم العام ، فلا مانع حينئذ من الأخذ بالعام فيه.
وفيه : ما أشار إليه الأستاذ الأعظم قدسسره (١) من الاشارة إلى جوابه ، بأنّ قوله : لا تكرم الفاسق وإن لم يكن حجّة فعلية في حقّ زيد المشكوك فسقه ، إلاّ أنّ هذا القول قد أخرج الفاسق عن عموم أكرم العلماء وصار العالم الواجب الاكرام في الواقع مقيّدا بعدم الفسق أو بالعدالة ، ومع فرض تقيّد الواقع بالقيد المزبور وانحصار حجّية العام بذلك ، لا يمكن التمسّك به بالنسبة إلى ما يشكّ في كونه واجدا لذلك القيد ، وإن كان ظهور العموم بالشمول لكلّ عالم حتّى الفاسق باقيا بحاله لم ينثلم ، إلاّ أنّه لمّا كانت حجّيته مقصورة على مورد القيد لم يمكننا التمسّك به في مورد الشكّ في وجود ذلك القيد.
قلت : لا يخفى أنّ هذا الجواب وإن كان لا غبار عليه ، إلاّ أنّه يمكن الجواب عن الاستدلال المزبور بطريق آخر ، وهو أنّ عموم العام لا ريب في كونه دليلا من الأدلّة الاجتهادية ، لكن لو تحقّق الدليل المعارض له الأخصّ منه فلا ريب في أنّ تحقّق ذلك الدليل يوجب رفع اليد عنه ، ففي الشبهة البدوية وكذلك الشبهة المفهومية لمّا لم يكن الدليل على خلاف ذلك العام متحقّقا كان اللازم هو الأخذ بالعام في مواردهما ، أمّا في الشبهة الموضوعية كما في مثل لا تكرم الفاسق مع الشكّ في فسق زيد فلا ريب أنّها من موارد تحقّق الدليل على خلاف العام ، لقيام الدليل على ثبوت حرمة الاكرام بالنسبة إلى كلّ فاسق ، وحيث قد تحقّق قيام الدليل بالنسبة إلى كلّ فاسق وجب رفع اليد عن العموم في كلّ فرد من أفراد الفسّاق ، فكان العموم ساقط الحجّية بالنسبة إلى كلّ فاسق واقعي حتّى من كان من
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٣٢٣.