الفاسق لم يكن فعليا في حقّ المشكوك فسقه ، فلا مانع من إجراء حكم العام عليه وهو وجوب الاكرام.
وفيه ما لا يخفى ، فإنّ المدار في عدم الأخذ بالعموم ليس على فعلية التكليف المخالف لحكم العام كي يدّعى أنّ عدم التنجّز لأجل عدم العلم بتحقّق المصداق راجع إلى عدم الفعلية كما أتعب به نفسه المستدلّ المذكور ، وإلاّ لكان عموم العام جاريا فيما لو كان حكمه تحريميا وكان حكم الخاص إيجابيا ، وسقط ذلك الايجاب لبعض المسقطات مثل الضرر أو الحرج ونحوهما.
ولعلّ هذا من موارد الخلط بين باب التزاحم وباب التعارض ، فإنّ عدم فعلية أحد التكليفين المتنافيين إنّما يسوّغ الرجوع إلى التكليف الآخر في خصوص باب التزاحم الذي لا يكون تقديم أحد الحكمين على الآخر موجبا لخروج المورد عن تحت الآخر خروجا موضوعيا ، بخلاف باب التعارض الذي يكون التقديم فيه موجبا للخروج عن تحت الآخر خروجا موضوعيا فإنّه لا مجال فيه للرجوع إلى الحكم الآخر وإن لم يكن الحكم الذي تضمّنه الدليل المقدّم فعليا كما حقّق في محلّه (١) في باب التزاحم من وجوه الفرق بين باب التعارض وباب التزاحم.
ولو أصلحت هذه الجهة وقيل بأنّ المراد بالفعلية والتنجّز إنّما هو بالنسبة إلى نفس حجّية الخاصّ ، فإنّ العام إنّما يرفع اليد عنه إذا قامت في بعض أفراده أو أنواعه حجّة على الخلاف ، ومن الواضح أنّ مورد الشكّ المزبور أعني زيدا
__________________
(١) لعلّه قدسسره يشير بذلك إلى الفرق الرابع بين بابي التزاحم والتعارض المذكور في أجود التقريرات ٢ : ٤٨ ، وله قدسسره حاشية على ذلك مذكورة في المجلّد الثالث من هذا الكتاب صفحة : ٢٧٢ ـ ٢٧٣.