ونظير هذه المسألة ما لو قال اعط زكاتك لكلّ فقير ، ثمّ قال لا تعط زكاتك لزيد ، وكان زيد المذكور مردّدا بين كونه غنيا أو كونه فقيرا ، فإن كان غنيا لم يكن ذلك من باب التخصيص ، وإن كان فقيرا كان من باب التخصيص ، فهل تجري أصالة العموم ويحكم بلازمها من كون زيد المذكور غنيا ، ولازم ذلك أن لا يجوز دفع باقي الحقوق إليه ، أو أنّ أصالة العموم لا تجري ويبقى زيد بحاله من كونه مشكوك الغنى والفقر؟ والشبهة في هذا الفرع مصداقية لكن ليس فيها علم إجمالي منجّز ، بخلاف الشبهة في الفرع السابق فإنّها مفهومية ، وفيها علم إجمالي منجّز ، وفي كلا الفرعين لا بدّ من كون الخاص منفصلا.
أمّا لو كانت الشبهة في الفرع السابق مصداقية بأن يكون قد أخرج زيدا العالم ، فإن تردّد مصداقا بين عالمين كان من قبيل التمسّك بالعموم في الشبهة المصداقية في المخصّص المردّدة بين المتباينين ، وسيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى (١). وإن تردّد مصداقا بين عالم وجاهل كان من الشبهة المصداقية في ناحية العام ، ولا يجوز التمسّك فيه بالعموم بلا كلام ، فتأمّل.
فقد تلخّص : أنّه إذا قال أكرم العلماء ، ثمّ قال لا تكرم زيدا ، وحصل التردّد في زيد ، فتارة يكون زيد المذكور مردّدا بين عالمين ، وأخرى يكون مردّدا بين عالم وجاهل ، وكلّ منهما تارة يكون على نحو الشبهة الحكمية وأخرى على نحو الشبهة الموضوعية ، فتكون الصور أربعا :
الأولى : ما يكون مردّدا بين عالمين والشبهة حكمية ، بأن يكون لنا من العلماء شخصان مسمّيان بزيد ، وقد تردّد زيد المذكور بينهما. وهذه هي الشبهة
__________________
(١) في الحاشية الآتية في الصفحة : ١٣٩ وما بعدها.