( أكرم كلّ عالم ) خلاف الواقع ، بمعنى أنّ ظاهر ذلك الكلام هو أنّ محط الحكم هو كلّ عالم بقول مطلق ، ثمّ بعد العثور على ذلك المخصّص المنفصل انكشف أنّه إنّما حكم على العادل من العالم ، فلا يكون الخطأ إلاّ في ناحية الحكم دون ناحية الاستعمال ، بمعنى أنّه لم ينكشف لنا أنّه أراد بالعالم خصوص العادل منه ليكون مجازا ، بل إنّما انكشف لنا أنّ حكمه على تلك الطبيعة لم يكن على تمام أفراد العالم ، بل كان على خصوص العادل.
وبالجملة : أنّ التخصيص والتقييد تصرف في ناحية الحكم على الطبيعة ، لا أنّه تصرّف في المعنى الذي استعمل اللفظ فيه ، وذلك التصرّف إن كان مع القرينة المتّصلة أو ما بحكمها كان من قبيل التخصيص المتّصل ، وإن لم تكن القرينة متّصلة كان من قبيل عدم بيان تمام ما له الدخل في كيفية الحكم ، ويكون من قبيل تأخير البيان ، وليس شيء منهما راجعا إلى التجوّز في الاستعمال بوجه من الوجوه ، فلاحظ وتأمّل.
وبالجملة : أنّ الذي يظهر لي هو أنّه في خصوص المخصّص المتّصل لا يكون الوجه في عدم التجوّز إلاّ تلك الارادة التمهيدية ، وأنّ كلا من توجيه صاحب الكفاية (١) وصاحب الغرر وشيخنا قدسسرهم لا يعدو هذه الارادة التمهيدية. وأيضا أنّ كلامهم في المخصّص المنفصل ، وتوجيه عدم التجوّز فيه لا يعدو ما أفاده شيخنا قدسسره من أنّ التخصيص المنفصل لا يكون إلاّ تصرّفا في المرتبة الثانية من الدلالة التصديقية ، التي هي مركز حجّية الظهور الراجعة إلى الحكم التصديقي بأنّ المتكلّم قد أراد الظاهر إرادة جدّية ، مع بقاء المرتبة الأولى من الدلالة التصديقية بحالها ، وتلك المرتبة الأولى من الدلالة التصديقية هي عبارة عن ظهور
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢١٨.