بالاخراج من مدخول كلّ ، لا يكون التجوّز لازما ، فإنّ الاخراج من مفاد « كلّ » إنّما هو بعد دلالته التمهيدية التي عرفت شرحها فيما تقدّم (١) ، ويكون الغرض من إحضار كلّ عالم أمام السامع هو إيراد الحكم عليه في عرض إخراج زيد منهم ، كما عرفت فيما تقدّم.
وكذلك يظهر لك الحال في التقييدات المنفصلة ، فإنّه لا يتفاوت الحال فيها بين دعوى كونها راجعة إلى المدخول ، وبين كونها راجعة إلى نفس مفاد العموم ، في أنّ ذلك القيد المنفصل لا بدّ أن يكون تصرّفا في الجهة الثانية من الدلالة التصديقية المعبّر عنها بحجّية الظهور ، دون الجهة الأولى من الدلالة المذكورة المعبّر عنها بالظهور نفسه. فما ذكره في الحاشية (٢) من أنّ عدم لزوم التجوّز إنّما يتمّ إذا قلنا برجوع القيود المنفصلة إلى المدخول ، دون ما لو قلنا برجوعها إلى نفس مفاد العموم ، وأنّه بناء على الثاني كما هو المختار للمحشي لا بدّ من سلوك طريقة التفصيل بين الارادتين ، ممّا لم يتّضح وجهه ، هذا. مضافا إلى أنّ ما اعتمده من التفصيل بين الارادتين هو بعينه هو الذي اعتمده شيخنا قدسسره ، وليست هذه الطريقة إلاّ مأخوذة ممّا أفاده قدسسره في تلك المقامات المتعدّدة التي أشرنا إليها فيما تقدّم ، فراجع.
ولا يخفى أنّ التخصيص الأفرادي من القضية الحقيقية في غاية الإشكال ، فإنّ إخراج زيد مثلا من مثل قوله : ( أكرم كلّ عالم ) إن كان من جهة خارجة عن مصداقيته لطبيعة العالم ، لم يكن التخصيص أفراديا ، بل كان نوعيا ، وكان الخارج هو صاحب تلك الجهة الزائدة. وإن لم يكن إخراجه من جهة خارجة عن
__________________
(١) في الحاشية السابقة.
(٢) أجود التقريرات ٢ ( الهامش ) : ٣٠٣.