صحّتها ظاهراً ( كما هو المفروض ) والانقلاب إنّما هو بالنسبة إلى آثارها الموجودة الآن من القضاء والإعادة ، وهذا ليس من المستحيل أبداً.
اللهمّ إلاّ أن يعود كلامه إلى ما ذكرنا آنفاً من أنّ الحجّية الثانية لا تدلّ على ترتيب الآثار عليها إلاّبالنسبة إلى أعماله في الحال وفي المستقبل ، لانصرافها عمّا أتى به وفقاً للحجّة السابقة ، والانصراف العرفي أمر ، ودعوى الاستحالة العقليّة أمر آخر.
وثانياً : ما أفاده من أنّه لا معنى لقيام المصلحة أو المفسدة بالجسم والموضوع الخارجي.
فيرد عليه : أنّ الطهارة والنجاسة من الأحكام الوضعيّة تتبّعان المصالح والمفاسد الموجودة في الموضوعات الخارجيّة ، وهكذا أشباههما.
بقي هنا شيء :
وهو أنّ ما ذكرناه هنا إنّما هو مقتضى القواعد الأوّلية في الأعمال السابقة المطابقة للإجتهاد الأوّل مع قطع النظر عن مقتضى القواعد الثانوية الخاصّة ، فإنّ هيهنا قواعد خاصّة تقتضي صحّة الأعمال السابقة :
منها : ما يختصّ بباب الصّلاة ، وهى قاعدة « لا تعاد الصّلاة إلاّمن خمس » لشمول إطلاقها للجاهل القاصر ، وما نحن فيه من مصاديقه لأنّ المجتهد إذا أخطأ في إجتّهاده كان من هذا القبيل ، فإذا أدّى الاجتهاد الأوّل إلى عدم جزئيّة شيء للصّلاة مثلاً والمكلّف أتى بالصلاة على طبقه ، ثمّ تبدّل الرأي وانكشف الخلاف وظهرت جزئية ذلك الشيء صحّت الصّلاة ، ولا إشكال في عدم وجوب الإعادة والقضاء.
ومنها : ما يختصّ بباب الصيام فإنّ الأدلّة التي تدلّ على أنّ الإفطار يوجب البطلان مختصّة بالعالم العامد فقط ولا تشمل ما نحن فيه ، ولازمه صحّة الصيام الذي أتى به المكلّف وفقاً للاجتهاد الأوّل.
منها : الإجماع على الإجزاء في بعضهم العبادات ، وقد ادّعاه بعضهم وقال في مستمسكه « نسب إلى بعض دعوى صريح الإجماع بل الضرورة عليه » (١).
__________________
(١) مستمسك العروة لسيّد الحكيم قدسسره : ج ١ ، ص ٨١.