الرسول صلىاللهعليهوآله عن تبليغه وأدائه ، والله سبحانه يقول : ( ما فرّطنا في الكتاب من شيء ... ).
ولا يخفى أنّ هذا البيان وكذلك غيره من الأخبار التي وردت في ذمّ هذا النوع من الاجتهاد من سائر الأئمّة المعصومين عليهمالسلام ـ في الواقع دفاع عن كيان الدين وأساس الشريعة والتأكيد على كمالها وعدم النقص فيها.
فقد ظهر ممّا ذكرنا بطلان القسم الثاني من الاجتهاد ، ولعلّ الخلط بين القسمين صار منشأً لمعارضة الأخباريين مع الاصوليين ، وإلاّ فإنّ الاجتهاد بالمعنى الأعمّ يعمل به الأخباري أيضاً في المجالات المختلفة من الفقه ، وإن شئت فراجع إلى كتاب الحدائق حتّى تلاحظ كونه اجتهاد واستنباط من المحدّث البحراني من أوّله إلى آخره ، وكذا غيره من أشباهه.
ويرجع تاريخ هذا النزاع إلى أوائل القرن الحادي عشر على يد الميرزا محمّد أمين الاسترابادي رحمهالله صاحب كتاب الفوائد المدنية ( وإن كانت بذوره موجودة من قبل في كلمات جمع من المحدّثين المتقدّمين ) فابتدأ النزاع منه ، ثمّ إستمرّ إلى القرن الثاني عشر ، وإستبان الحقّ فيه تدريجاً.
وعمدة محلّ الخلاف بين الطائفتين امور ثلاثة :
١ ـ مسألة جواز الاجتهاد.
٢ ـ حجّية العقل.
٣ ـ تقليد العوام المجتهدين.
أمّا المورد الأوّل : فقد أشرنا سابقاً إلى أنّ الأخباري أيضاً يستنبط الحكم من أدلّته ويجتهد على نحو الاجتهاد بالمعنى العام في مقام العمل ، كما أنّ الاصولي أيضاً يخالف الاجتهاد بالمعنى الخاصّ ، فالنزاع بينهم في هذا المجال كأنّه نشأ من مناقشة لفظية واشتراك لفظي أو معنوي في كلمة الاجتهاد أو الرأي أو الظنّ ، فإنّ للاجتهاد معنيين : المعنى العام والمعنى الخاصّ ( وقد مرّ تعريفهما وبيان المقصود من كلّ واحد منهما ) كما أنّ للعمل بالظنّ وهكذا العمل بالرأي أيضاً معنيين ، فهما عند الاصوليين بمعنى العمل بالأمارات المعتبرة وظواهر الكتاب والسنّة ،