أنّه ليس معناه حصول القطع ببطلان الفتوى السابقة لأنّه خارج عن محلّ الكلام ، بل يحتمل صحّتها أيضاً في متن الواقع ، وإن كانت وظيفته فعلاً العمل بالثانية.
وحينئذٍ يمكن دعوى انصراف أدلّة حجّية الفتوى اللاحقة إلى الوقائع اللاحقة حتّى بالنسبة إلى المجتهد نفسه ، هذا إذا كان الدليل لفظياً ، وأمّا إذا كان دليل الحجّية لبّياً فالقدر المتيقّن منه ليس إلاّما ذكرناه ، وهذا الكلام يجري بالنسبة إلى الأعلم أيضاً.
إلى هنا تمّ الكلام عن المقام الأوّل من مباحث الاجتهاد والتقليد ( وهو البحث عن أحكام الاجتهاد ).
وهو في اللغة جعل القلادة على العنق ، قلّده تقليداً جعل القلادة على عنقه ، ومنها تقليد الولاة الأعمال ، وتقليد البدنة أن يعلّق في عنقها شيء ليعلم أنّه هدى ، وتقليد السيف تعليقه في العنق أو شدّه على وسطه ، وأمّا الاقليد فهو معرّب « كليد » ، وفي مجمع البحرين أنّه لغة يمانية بمعنى المفتاح ، فلا ربط بينه وبين مادّة القلادة.
وأمّا التقليد في المقام ، أي التقليد عن المجتهد فالمعروف أنّه قبول قول الغير من غير دليل ، لأنّ المقلِّد يجعل عمله كالقلادة على عنق المجتهد ، وقيل أنّ المقلِّد يجعل طوق التبعيّة على عنقه.
وأمّا في الاصطلاح فقد ذكر شيخنا الأعظم الأنصاري رحمهالله له في رسالته الشريفة أربعة معانٍ :
١ ـ العمل بقول الغير.
٢ ـ قبول قول الغير.
٣ ـ الأخذ بقول الغير.
٤ ـ متابعة قول الغير.
ويمكن أن يقال : إنّها جميعاً ترجع إلى معنى واحد ولكن يستخرج منها عند الدقّة ثلاثة مفاهيم مختلفة : أحدها : العمل بقول الغير ، ثانيها : الأخذ بقول الغير بقصد العمل من دون العمل به ، ثالثها : الالتزام القلبي بالعمل به وإن لم يأخذه ولم يعمل به ، ثمّ يقع البحث في أنّه أي شيء من