١ ـ أصالة البراءة
إذا شكّ في حرمة شيء لإجمال نصّ أو عدمه أو تعارض النصّين ، فالمعروف بين الاصوليين هو البراءة ، وعند الأخباريين الاحتياط ، وهو عمدة الفرق بين الطائفتين ، والحقّ مع الطائفة الاولى ، أي الاصوليين ، واستدلّ لذلك بالأدلّة الأربعة :
منها : قوله تعالى : ( مَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ) (١).
حيث إنّه وردت فيها ثلاث فقرات :
أحدها : أنّ نتيجة عمل كلّ إنسان تعود إلى نفسه : ( من اهتدى فإنّما يهتدي لنفسه ومن ضلّ فإنّما يضلّ عليها ).
ثانيها : ما يكون بمنزلة المفهوم للحكم الأوّل ، أي : ( وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) ، وكلّ واحد من هذين الحكمين إرشاد إلى ما يحكم به العقل.
ثالثها : البراءة في موارد عدم البيان والبعث : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ) وهى تؤكّد بالآية التالية لها ، أي قوله تعالى : ( وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً ) حيث إنّه بيّنت فيها كيفية العذاب المذكور في تلك الآية وأنّه يقع بعد الأمر ووقوع الفسق ، كما أنّ المراد من بعث الرسل في تلك الآية إنّما
__________________
(١) سورة الإسراء : الآية ١٥.