يبلغ ) لأنّ استعمال كلمة الوضع في ما لم يكن مجعولاً من رأس كثير ، كما أنّ كلمة الرفع استعمل في حديث الرفع في معنى الرفع وعدم الجعل من أصله ( لا ما وضع أوّلاً ثمّ رفع ثانياً ) وهذا نظير ما إذا قيل : هذا البلاء وضع عن هذه الامّة ، فإنه استعمل حينئذٍ في بلاء لم ينزل من رأس لا ما نزل ثمّ رفع.
أضف إلى ذلك أنّ الوضع إذا تعدّى بـ « عن » ( خلافاً لما إذا تعدّى بـ « على » ) يكون بمعنى الرفع ، فيأتي حينئذٍ في هذا الحديث كلّ ما قلناه في حديث الرفع ، وكيف كان : الأمر دائر مدار إرتكاب أحد الأمرين : رفع اليد من ظهورين ( ظهور العباد في العموم المجموعي وظهور الحجب في الإسناد الحقيقي ) ورفع اليد من ظهور واحد ( ظهور كلمة « موضوع عنهم » في رفع ما هو المجعول ) ولا يخفى أنّ الثاني أهون من الأوّل.
مضافاً إلى أنّ الأوّل يستلزم كون الإسناد إلى العباد مجازاً لأنّ العباد حينئذٍ يستعمل في بعض العباد كما هو واضح.
وهو ما رواه عبدالله بن سنان بسند معتبر عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : « كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال أبداً حتّى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه » (١).
ونظيره ما رواه مسعدة بن صدقة عن أبي عبدالله عليهالسلام قال سمعته يقول : « كلّ شيء هو لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام بعينه فتدعه من نفسك ، وذلك مثل الثوب يكون عليك قد اشتريته وهو سرقة ، والمملوك عندك لعلّه حرّ قد باع نفسه ، أو خدع فبيع قهراً أو امرأة تحتك وهى اختك أو رضيعتك والأشياء كلّها على هذا حتّى يستبين لك غير ذلك ، أو تقوم به البيّنة » (٢) وكذلك ما رواه عبدالله بن سنان قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن الجبن فقال لي : « لقد سألتني عن طعام يعجبني ثمّ أعطى الغلام درهماً فقال ياغلام ابتغ لنا جبناً ، ثمّ دعا بالغداء فتغدّينا معه فأتى بالجبن فأكل وأكلنا فلمّا فرغنا من الغداء قلت : ما تقول في الجبن؟ قال : أو لم ترني آكله؟
__________________
(١) وسائل الشيعة : ج ١٢ ، أبواب ما يكتسب به ، الباب ٤ ، ح ١.
(٢) المصدر السابق : ح ٤.