والأقوال فيه ثلاثة :
١ ـ عدم الجواز ، وهو المشهور بيننا ، ولعلّه مجمع عليه ، ونسب الجواز إلى الكليني في مقدّمة الكافي والصدوق في مقدّمة من لا يحضر الفقيه والعلاّمة والمحقّق القمّي رحمهالله في جامع الشتات ( وسيأتي عدم صحّة هذه النسبة بأجمعها إلاّما نسب إلى المحقّق القمّي رحمهالله ) ونقل أيضاً عن جماعة من الأخباريين ، ولكن سيأتي أيضاً أنّ مخالفتهم للُاصوليين في هذه المسألة من قبيل الخلاف في الموضوع لا الحكم.
٢ ـ الجواز ، وهو المشهور بين العامّة.
٣ ـ التفصيل بين التقليد الابتدائي فلا يجوز ، والتقليد الاستمراري ( أي البقاء على التقليد بعد الموت ) فيجوز ، وهو المختار.
واستدلّ القائلون بعدم الجواز بوجوه عمدتها ثلاثة :
الوجه لأوّل : ( وهو العمدة أيضاً بين الثلاثة ) الإجماع ، فقد نقل شيخنا الأعظم الأنصاري رحمهالله في رسالته ( رسالة الاجتهاد والتقليد ) عن صاحب المسالك أنّه قال : صرّح الأصحاب باشتراط الحياة ، وعن الوحيد البهبهاني رحمهالله أنّه قال : أجمع الفقهاء على اشتراط الحياة.
وعن صاحب المعالم رحمهالله أنّه قال : العمل بفتاوي الموتى مخالف لما يظهر من اتّفاق أصحابنا على المنع من الرجوع إلى فتوى الميّت.
ثمّ قال الشيخ رحمهالله : يكون هذا الاتّفاق بدرجة من القبول حتّى شاع عند العوام أنّ قول الميّت كالميّت.
ولا يخفى أنّ هذا الإجماع ليس مدركيّاً بل إنّه ضدّ المدرك ، لما سيأتي من أنّ القائلين بجواز تقليد الميّت يستدلّون عليه ببناء العقلاء لأنّهم يعتبرون لجميع الكتب العلمية بعد الموت ما يعتبرونه في زمن الحياة ( كما أنّه الحقّ ) فإنّ الفقهاء خالفوا هذا البناء بإجماعهم على عدم الجواز ، وهذا من الموارد التي يكون الإجماع فيها مخالفاً للقواعد ، فضلاً عن أن يكون مستنداً إليها ، ولم ينقل خلاف لهذا الإجماع إلاّما نقل عن العلاّمة والمحدّثين المعروفين ( الكليني والصدوق ) والمحقّق القمّي قدّس الله أسرارهم.