وكذا في أرباح المكاسب وشبهها ، فلا ينبغي الإشكال أيضاً في وجوب الفحص ، وقد جرت سيرة العقلاء في أوامرهم ونواهيهم في أمثال هذه الموارد على الفحص أيضاً ، ولم يمنع عنه الشارع فلا إشكال أيضاً في وجوب الفحص.
ورابعة يكون المورد من غير الأقسام الثلاثة كما إذا قال مثلاً : أكرم العلماء ، أو أطعم الفقراء ، فلا إشكال في أنّ إطلاقات أدلّة البراءة في الشبهات الموضوعيّة دالّة على عدم وجوب الفحص كالروايات الواردة في مسألة الجبن وغيرها.
بقي هنا أمران :
ثمّ إنّ هيهنا بحثاً لابدّ من طرحه في المقام وإن كان بحثاً فقهيّاً بحتاً ، وهو في حكم من ترك الفحص مع كونه قادراً عليه ، وهو يقع في مقامين :
الأوّل : في حكمه التكليفي وإستحقاق العقاب وعدمه.
الثاني : في حكمه الوضعي وصحّة العمل المأتي به وفساده.
أمّا المقام الأوّل : فالأقول فيه أربعة :
الأوّل : ( وهو الأقوى والمشهور ) أنّه يعاقب على ترك الواقع لا على ترك التعلّم.
الثاني : أنّه يعاقب على ترك التعلّم ، وهو المحكي عن المحقق الاردبيلي رحمهالله وصاحب المدارك.
الثالث : أنّه يعاقب على ترك تحصيل العلم الموجب لترك الواقع ، وهو المستفاد من كلمات المحقّق النائيني رحمهالله.
الرابع : القول بالتفصيل بين التكاليف المطلقة والتكاليف المشروطة أو الموقتة ، ففي الاولى يعاقب على ترك الواقع ، وفي الثانية على ترك التعلّم ، وهذا يستفاد من بعض كلمات المحقّق الخراساني رحمهالله في الكفاية وإن رجع عنه في بعض تعليقاته عليها.
أقول : لو خلّينا وظواهر الأدلّة فالحقّ مع المشهور ، لأنّ ظاهرها طريقيّة وجوب التعلّم ، ولا دليل على كونه واجباً نفسيّاً ، فالظاهر من قوله تعالى : ( لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ ) مثلاً أو قوله تعالى : ( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ ) وجوب التفقّه لأجل الإنذار ثمّ الحذر والعمل ، ووجوب السؤال