ورد من الحكم بحرمة الإحتكار وجواز البيع على المحتكر مع أنّ الناس مسلّطون على أموالهم.
الوجه الخامس : أنّ جملة « ولا ضرار » لا تناسب حديث الشفعة ولا حديث منع فضل الماء لأنّها في اللغة مخصوصة بالضرر العمدي وهو أخصّ من مورد الحديثين (١).
وفيه : أنّه كم من قضية تكون مشتملة على فقرات عديدة وأجزاء مختلفة ولكنّها لاشتهارها بعبارة مخصوصة وجيزة تذكر جميعها في مقام الاستشهاد وإن كان مورد الإستشهاد خصوص بعض فقراتها.
من قبيل رواية البزنطي وصفوان المشتملة على ثلاث فقرات : « رفع ما اكرهوا عليه وما لم يطيقوه وما أخطأوا » مع أنّ موردها خصوص الإكراه. وليكن محلّ الكلام من هذا القبيل.
ولنا في تعيين معاني اللغات وتشخيص حدودها ثلاثة طرق :
١ ـ الرجوع إلى كتب اللغة ، وقد مرّت حجّية قول اللغوي.
٢ ـ الرجوع إلى موارد الاستعمال إذا بلغ إلى حدّ الإطّراد.
٣ ـ الرجوع إلى المتبادر إلى الذهن ، وهى تفيد بالإضافة إلى اللغات التي كثر استعمالها في معانيها بحيث تتبادر المعاني إلى ذهن كلّ من أنس باللسان ولو كان من غير أهله.
ولا يخفى أنّ كلمة « الضرر » من اللغات التي يمكن في تعيين معناها أعمال كلّ واحد من هذه الطرق.
أمّا الطريق الأوّل ففي مفردات الراغب : « الضرّ (٢) سوء الحال إمّا في النفس لقلّة العمل والفضل وإمّا في البدن لعدم جارحة ونقص ، وأمّا في الحال من قلّة مال وجاه ».
ولا تخفى المسامحة الموجودة في هذا التعريف مع أنّه من أحسن التعاريف ومع دقّة نظر الراغب في مفرداته.
__________________
(١) راجع رسالة المحقّق النائيني رحمهالله في لا ضرر ، ( المطبوعة في منية الطالب : ج ٣ ، ص ١٩٥ و ١٩٩ ).
(٢) الضرّ بالفتح والضُرّ بالضمّ والضرر بمعنى واحد ومن أصل واحد إنّما الفرق في أنّ الأوّل مصدر والأخيرين إسم المصدر.