خاتمة في شرائط جريان الاصول
كان ينبغي ذكر هذا البحث بعد الفراغ من مبحث الاستصحاب لأنّه يعمّ شرائط جريان الاستصحاب أيضاً ، والبحث عن شرائط جريانه قبل بيان أدلّته مخالف للترتيب المنطقي في البحث كما لا يخفى.
ثمّ إنّه جاء في بعض شروح الكفاية : أنّ شرائط جريان الاصول على قسمين : قسم منها شرط لأصل الجريان ، وقسم آخر شرط للعمل بها ، وتمثّل للأوّل بالفحص عن الأدلّة الاجتهاديّة في جريان البراءة العقليّة ، حيث إنّه بدون الفحص عنها لا يتحقّق موضوع عدم البيان ، وتمثّل للثاني بالفحص عن الدليل الاجتهادي أيضاً بالنسبة إلى جريان البراءة الشرعيّة ، لأنّ موضوعها إنّما هو الشكّ ، وهو صادق قبل الفحص أيضاً ، فليس الفحص شرطاً لجريانها ، بل إنّها تجري قبل الفحص ولكن العمل بها متوقّف على تحقّق الفحص.
أقول : ليس لهذا التفصيل وجه وجيه ، لأنّ كلّ ما يكون شرطاً للعمل بالاصول شرط لجريانها أيضاً ، وكذلك العكس ، فإنّ البراءة الشرعيّة وإن كان الدليل فيها لفظيّاً فيمكن أن يقال بإطلاقه ، لكن بما أنّ حجّية الأدلّة اللفظيّة متوقّفة على حجّية الظهور ، والدليل على حجّية الظهور إنّما هو بناء العقلاء ، فلا إشكال في أنّ بناءهم لم يستقرّ إلاّعلى حجّيتها بعد الفحص بالنسبة إلى المولى الذي ديدنه بيان أحكامه تدريجاً.
وإن شئت قلت : اطلاق هذه الأدلّة منصرف إلى ما بعد الفحص.
إذا عرفت هذا فاعلم : أنّ البحث يقع في مقامين :