ولكن فيه : أوّلاً : أنّه من قبيل الإجماع المنقول الذي لا دليل على حجّيته ، فإنّ المحصّل منه في أمثال المقام لم يتعرّض أكثر الأصحاب للمسألة في كلماتهم أمر مشكل جدّاً.
وثانياً : أنّه محتمل المدرك لو لم يكن متيقّنة فإنّا نحتمل ( على الأقل ) استنادهم في ذلك إلى بعض الوجوه المستدلّ بها في المقام ، وقد مرّ عليك ذكرها آنفاً.
وثالثاً : أنّ المحكيّ عن العلاّمة والعميدي ٠ دعوى الإجماع على خلافه ( على ما في مستمسك الحكيم قدسسره ).
هذا كلّه فيما إذا كانت فتوى المجتهد على أساس أمارة من الأمارات الشرعيّة.
ومنه يظهر الكلام في الاصول العمليّة العقليّة أو الشرعيّة ، فإنّ الحكم الحاصل منها حكم ظاهري ، وقد عمل به المكلّف ، ثمّ تبيّن بحسب الاجتهاد الثاني خلافه ، فيأتي جميع ما ذكرنا في الأمارات والأدلّة الاجتهاديّة.
وملخّص الكلام في المقام : أنّ تبدّل الرأي على ثلاثة صور :
تارةً يكون العمل قد مضى ثمّ تبدّل الرأي ، ففي هذه الصورة لا إشكال في الإجزاء إلاّفيما إذا كان مدرك الاجتهاد السابق هو القطع.
واخرى : السبب قد مضى والمسبّب باقٍ على حاله كما في مثال الذبيحة فإنّ عمل التذكية فيه قد مضى وأمّا الحيوان المذكّى فهو موجود في الحال ، ومثل عقد النكاح بالفارسية فالعقد قد مضى وأمّا مسبّبه ومنشأه وهو الزوجية باقٍ على حاله ، ومثل ما إذا اشترى داراً بعقد المعاطاة فمسبّبه وهو ملكية الدار باقية على حالها ، ففي هذه الصورة أيضاً إذا تبدّل رأي المجتهد ، الصحيح هو الإجزاء من دون فرق بين مثال الذبيحة وإنشاء العقد باللغة الفارسيّة لأنّ كليهما من باب واحد ، والمسبّب ( أو الموضوع على تعبير المحقّق اليزدي رحمهالله في العروة الوثقى ) باقٍ على حاله في كليهما ، ولا وجه للفرق بينهما كما ذهب إليه السيّد اليزدي رحمهالله ، ولذلك علّق على كلامه وإستشكل عليه أكثر المعلّقين.
وثالثة : يكون الموضوع باقياً على حاله ، كما إذا اجتهد سابقاً ورأى كفاية سبعة وعشرين شبراً في تحقّق الكرّية ، واجتهد في اللاحق على عدم كفايتها ، وكان الماء المحكوم بالكرّية سابقاً باقياً على حاله ، ورأي سابقاً عدم نجاسة ملاقي الشبهة المحصورة أو عدم نجاسة عرق