جريان الاستصحاب في الشبهات الحكميّة مختصّاً بموارد الشكّ في الرافع ، ومراده من الرافع ( بناءً على توجيه المحقّق النائيني رحمهالله لكلامه ) ما يمنع عن تأثير المقتضي في البقاء بعد تأثيره في الحدوث ، فهو عبارة عمّا أخذ عدمه في بقاء شيء بعد حدوثه كالطلاق بالنسبة إلى علاقة الزوجية ، لا ما أخذ عدمه في حدوث شيء ، وحينئذٍ الرافع في المقام ما يكون خارجاً عن دائرة الموضوع ولا دخل لعدمه في حدوث الحكم.
والوجه في عدم تماميّته أنّ قياس الأحكام الشرعيّة بالامور التكوينيّة مع الفارق كما مرّ كراراً ، لأنّ جميع الشرائط والموانع في الأحكام الشرعيّة ترجع بالأخرة إلى قيود في موضوع الحكم ، فالشكّ في بقاء الحكم الشرعي بعد العلم بحدوثه ينشأ من الشكّ في طروّ تغيّر في موضوعه ، ومعه لا مجال لجريان الاستصحاب بناءً على أخذ الموضوع بالدقّة العقليّة.
اتّفقت كلمات الأصحاب على تقدّم الأمارة على الاستصحاب ، وإنّما الكلام في وجهه ، فهل هو من باب الورود ، أو الحكومة ، أو التخصيص الذي هو توفيق عرفي بين دليل اعتبار الأمارة وخطاب الاستصحاب ، فإن قلنا بالورود فمعناه عدم بقاء شكّ حقيقة بعد مجيء الأمارة ، وإن قلنا بالحكومة فمعناه عدم بقاء الشكّ تعبّداً وحكماً كذلك ، وإن قلنا بالتخصيص فلازمه أنّ دليل الأمارة أخصّ من دليل الاستصحاب ، ( وسيأتي توضيح الفرق بين هذه الثلاثة في أبواب التعادل والترجيح إن شاء الله ).
ذهب المحقّق الخراساني رحمهالله إلى أنّه من باب الورود ، وذهب الشيخ الأعظم رحمهالله إلى أنّه من باب الحكومة ، واحتمل بعض كونه من باب التخصيص ، ففي المسألة ثلاثة احتمالات أو ثلاثة أقوال.
واستدلّ المحقّق الخراساني رحمهالله لمختاره بقوله : « إنّ رفع اليد عن اليقين السابق بسبب أمارة معتبرة على خلافه ليس من نقض اليقين بالشكّ بل باليقين ، وعدم رفع اليد عنه مع الأمارة