٨ ـ في تعارض الأدلّة والتعادل والتراجيح
تعارض الأدلّة من أهمّ المسائل الاصوليّة ، أمّا كونه مسألة اصوليّة فلأنّ موضوع علم الاصول إمّا أن يكون هو الأدلّة بذواتها فلا إشكال في أنّ التعادل أو التراجيح وصفان عارضان على ذوات الأدلّة لأنّ المراد من التعادل هو تعادل الدليلين وتساويهما ، والمراد من الترجيح هو الترجيح بين الدليلين ، وإمّا أن يكون الموضوع مطلق الحجّة في الفقه كما ذهب إليه بعض الأساتذة الأعلام ، فكذلك لا إشكال في أنّ البحث عن تعادل الدليلين أو الترجيح بينهما بحث عن عوارض الحجّة ، وهكذا لو قلنا أنّ الموضوع هو الأدلّة بوصف حجّيتها ، فإنّ البحث عن التعادل والترجيح إنّما هو بعد ثبوت الحجّية لكلّ من الدليلين في نفسه ومع قطع النظر عن التعارض ، وإلاّ فلو لم يكن الدليل حجّة في ذاته لا تصل النوبة إلى مسألة التعارض ، وعلى هذا يكون ما نحن فيه من المسائل الاصوليّة حتّى عند من يرى البحث عن حجّية خبر الواحد من المبادىء.
وأمّا كونه من أهمّ المسائل الاصوليّة فلجريانه وسريانه في جلّ الأبواب الفقهيّة ، ولذلك اعترض بعض الأعلام في مصباح الاصول على جعله خاتمة لعلم الاصول بزعم أنّه مشعر بكونه خارجاً عنه كمبحث الاجتهاد والتقليد ، ولكن الصحيح أنّه لا إشعار له بهذه الجهة ، لأنّ المراد من عنوان الخاتمة أنّه يختم مسائل الاصول ويكون أخرها ، كما أنّه كذلك في سائر موارد استعماله كخاتم الأنبياء وخاتم المجتهدين والفقهاء.
وكيف كان لابدّ في المقدّمة من رسم امور :
وهو في كلمات بعضهم « التعادل والترجيح » ( بصيغة المفرد ) وفي كلمات بعض آخر