وإنقلابه إلى غيره ، فإذا عدم الرأي كيف يمكن استصحاب آثاره ، وهو أشنع من الاستصحاب عند تبدّل الموضوع وتغيّره.
الوجه السابع : ما استدلّ به بعض الأعلام على الإجزاء وعدم انتقاض الآثار السابقة بعد تقسيمه الأحكام إلى التكليفيّة والوضعيّة ، وحاصله :
أمّا أحكام الوضعيّة : بالمعنى الأعمّ فإنّها تتعلّق غالباً بالموضوعات الخارجيّة ، ولا معنى لقيام المصلحة بها ، بل المصلحة قائمة بالأمر الاعتباري ، ففي عقد المعاطاة مثلاً المصلحة لا تقوم بالمال بل بالملكيّة الحاصلة من المعاطاة القائمة بالمال ، فإذا أدّت الحجّة إلى أنّ المعاطاة مملّكة فقد وجدت المصلحة في جعل الملكيّة ، فإذا قامت الحجّة الثانية على أنّ المعاطاة لا تفيد الملكية لم تكشف إلاّعن أنّ المسألة من لدن قيامها إنّما هى في جعل الإباحة في المعاطاة لا في جعل الملكية ، فقيام الحجّة الثانية من قبيل تبدّل الموضوع.
وأمّا الأحكام التكليفيّة : فهى وإن كانت تابعة للمصالح والمفاسد في متعلّقاتها ويتصوّر فيها كشف الخلاف ، إلاّ أنّ الحجّة الثانية إنّما يتّصف بالحجّية بعد إنقطاع الحجّة السابقة ، فالحجّة الثانية لم تكن حجّة في ظرف الحجّية السابقة ، وإنّما حجّيتها تحدث بعد سلب الحجّية عن السابقة ، وإذا كان الأمر كذلك استحال أن تكون الحجّية المتأخّرة موجبة لانقلاب الأعمال المتقدّمة عليها ، ( انتهى ملخّصاً ) (١).
وفيه : أوّلاً : أنّه قدسسره هل يتكلّم على مبنى القائلين بالسببيّة في حجّية الأمارات أو الطريقيّة؟ من الواضح أنّه لا يقول بالأوّل ، وأمّا على الثاني فالحجج الشرعيّة لا تكشف عن المصالح الواقعيّة لأنّها تتضمّن أحكاماً ظاهريّة فحسب ، والمصلحة السلوكيّة لا توجب الاجزاء ، فما ذكره من أنّ المصلحة حاصلة في عقد المعاطاة بعد قيام الحجّة أمر غريب على مبناه ، وقوله : « إذا أدّت الحجّة إلى أنّ المعاطاة مملّكة فقد وجدت المصلحة في جعل الملكية في المعاطاة » نفس القول بالسببية من دون تفاوت.
وأمّا دعوى الاستحالة في كون الحجّية المتأخّرة موجبة لانقلاب الأعمال المتقدّمة في الأحكام التكليفيّة فهو أغرب منه ، فإنّ الأعمال المتقدّمة لم تثبت صحّتها واقعاً وإنّما ثبتت
__________________
(١) راجع التنقيح في شرح العروة الوثقى : ج ١ ، ص ٥٤ ـ ٥٦.