بين الأقل والأكثر مفهوماً لا يمنع عن التمسّك بالعام فيما عدا القدر المتيقّن من التخصيص ، وهو الأقلّ خصوصاً في المقيّدات اللبّية ، فإنّه يجوز التمسّك بالعام فيها في الشبهات المصداقيّة فضلاً عن الشبهات المفهوميّة (١).
وأورد عليه في التهذيب : بأنّ المخصّص اللبّي يسري إجماله إلى العام لأنّه بحكم المتّصل اللفظي يمنع عن انعقاد الظهور (٢).
أقول : إنّ إجمال المخصّص يسري إلى العام إذا كانت الشبهة مفهوميّة ولكنّها في المقام مصداقيّة ، ولذلك ذهب المحقّق الخراساني رحمهالله إلى عدم جواز التمسّك بالعام أو المطلق في المقام لعدم جواز التمسّك بالعام في الشبهة المصداقيّة للمخصّص. ولكنّا أثبتنا الجواز من طريق آخر وهو كشف الاطلاق من ظاهر كلام المولى بضميمة حكمته كما مرّ.
ذكر بعض الأعاظم كالمحقّق العراقي رحمهالله لما إذا كانت أطراف العلم الإجمالي تدريجي الوجود صوراً ثلاثة :
الاولى : ما يكون الزمان فيه مأخوذاً على نحو الظرفية المحضة بلا دخل له لا في التكليف ولا في موضوعه كما إذا علم التاجر بابتلائه في يومه أو شهره بالمعاملة الربويّة.
الثانية : ما يكون الزمان فيه مأخوذاً على نحو القيدية للمكلّف به ، أي كان الزمان قيداً للواجب ، كما إذا نذر أن يترك أكل غذاء مكروه خاصّ في ليلة خاصّة واشتبهت بين ليلتين أو أزيد.
الثالثة : ما يكون الزمان فيه مأخوذاً على نحو القيديّة في نفس التكليف أي كان الزمان قيداً للوجوب ، كما إذا علمت المرأة المضطربة بأنّها تحيض في الشهر ثلاثة أيّام فإنّ لأيّام الحيض دخلاً في ملاك الحكم وفي أصل التكليف بترك الوطىء والعبادة ودخول المساجد وقراءة العزائم.
__________________
(١) راجع فوائد الاصول : ج ٤ ، ص ٥٧ ـ ٥٨ ، طبع جماعة المدرّسين.
(٢) التهذيب : ج ٢ ، ص ٢٨٦ ، طبع جماعة المدرّسين.