بعصر دون عصر ، وحينئذٍ يكون العمل المأتي به على طبق الحجّة السابقة باطل بمقتضى الحجّة الثانية.
إلاّ أنّ يقال : إنّ المقصود من هذا البيان أنّ المضمون المذكور منصرف من الأعمال السابقة التي عمل فيها بدليل معتبر في وقته ، فيرجع إلى ما ذكرنا من البيان.
الوجه الثاني : أنّ عدم الإجزاء يؤدّي إلى العسر والحرج المنفيين عن الشريعة السمحة ، لعدم وقوف المجتهد غالباً على رأي واحد ، فيؤدّي إلى الاختلال فيما يبني فيه عليها من الأعمال.
وفيه : أنّه أخصّ من المدّعى من وجه ، وأعمّ منه من وجه آخر ، أمّا كونه أخصّ منه فلأنّ المعروف أنّ المعيار إنّما هو الحرج الشخصي لا النوعي فلا يعمّ الدليل جميع المكلّفين ، وأمّا كونه أعمّ منه فلشموله موارد القطع واليقين مع أنّه لا كلام في عدم الإجزاء في موارد القطع.
الوجه الثالث : الإجماع على الإجزاء مطلقاً أو في خصوص العبادات على الأقلّ.
وفيه : أوّلاً : أنّه منقول لا دليل على حجّيته ، وثانياً : يكون محتمل المدرك لو لم يكن متيقّنه.
الوجه الرابع : السيرة المتشرّعة المستمرّة على عدم الإعادة والقضاء مع أنّ تبدّل الرأي أمر شائع بين المجتهدين.
وفيه : أنّ إرجاع هذه السيرة إلى زمن المعصوم عليهالسلام أمر مشكل جدّاً ، لأنّه وإن كان الاجتهاد موجوداً في ذلك الزمان أيضاً ولكن لم يكن على نحو تبدّل الآراء والعدول عنها بحيث كان في مرأى ومسمع من الأئمّة المعصومين عليهمالسلام ، ولعلّ منشأ هذه السيرة وكذا الإجماع هو الدليل الأوّل الذي اخترناه ، كما أشرناه إليه آنفاً.
الوجه الخامس : أنّ عدم الإجزاء يوجب ارتفاع الوثوق في العمل بآراء المجتهدين ، من حيث إنّ الرجوع في حقّهم محتمل ، وهو منافٍ للحكمة الداعية إلى تشريع حكم الاجتهاد.
وفيه : أنّه مجرّد إستحسان ظنّي لا يركن إليه ما لم يلزم منه عسر حرج اختلاف النظام.
الوجه السادس : ما استدلّ به بعضهم من الاستصحاب على بقاء آثار السابقة للأعمال التي أتى بها.
وفيه : أوّلاً : ما ذكرناه غير مرّة من عدم حجّية الاستصحاب في الشبهات الحكميّة ، وثانياً : ـ وهو العمدة ـ : أنّ المقوّم للأحكام السابقة كان رأي المجتهد ، والمفروض انتفاؤه فعلاً