بمخالفة العامّة فقط ، أو الترجيح بموافقة الكتاب ومخالفة العامّة معاً ، وحاصله : أنّها ليست من أخبار الباب ، أي ترجيح الحجّة على الحجّة ، وإنّما هى في مقام تمييز الحجّة عن اللاّحجّة ، أمّا بالنسبة إلى الخبر المخالف للكتاب والسنّة فلقوّة احتمال أن يكون مثله في نفسه غير حجّة ولو لم يكن له معارض أصلاً ، وذلك بشهادة ما ورد في شأنه من أنّه زخرف أو باطل أو أنّه لم نَقُله ، أو أمر بطرحه على الجدار ، مضافاً إلى أنّ الصدور أو الظهور في مثله يكون موهوناً بحيث لا يعمّه أدلّة اعتبار السند أو الظهور.
وأمّا بالنسبة إلى الخبر الموافق للقوم فلأنّه بملاحظة الخبر المخالف له مع الوثوق بصدوره ( المخالف ) لو لم ندع القطع بصدوره تقيّة فلا أقلّ من عدم جريان أصالة الجدّ فيه.
ولكن الإنصاف أنّ هذا أيضاً نشأ من عدم التأمّل في أخبار الباب ، أمّا المشتملة على الترجيح بموافقة الكتاب والسنّة فلأنّها على قسمين : قسم لا ربط له بما نحن فيه ، أي بباب التعارض ، بل إنّه وارد في مطلق ما يكون مخالفاً للكتاب ، وقسم آخر ورد في خصوص باب التعارض ، والتعبير بـ « أنّه زخرف » أو « باطل » أو غيرهما ورد في خصوص القسم الأوّل لا الثاني.
فإنّ من القسم الأوّل : ما رواه السكوني عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أنّ على كلّ حقّ حقيقة وعلى كلّ صواب نوراً ، فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه » (١).
ومنها : ما رواه أيّوب بن راشد عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : « ما لم يوافق من الحديث القرآن فهو زخرف » (٢).
ومنها : ما رواه أيّوب بن الحرّ قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : كلّ شيء مردود إلى الكتاب والسنّة ، وكلّ حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف » (٣).
ومنها : ما رواه هشام بن الحكم وغيره عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : « خطب النبي صلىاللهعليهوآله بمعنى وقال : أيّها الناس ما جاءكم عنّي يوافق كتاب الله فأنا قلته ، وما جاءكم يخالف كتاب الله فلم أقله » (٤).
__________________
(١) وسائل الشيعة : الباب ٩ ، من أبواب صفات القاضي ، ح ١٠.
(٢) المصدر السابق : ح ١٢.
(٣) المصدر السابق : ح ١٤.
(٤) المصدر السابق : ح ١٥.