ومنها : ما ورد في تفسير العياشي عن سدير قال : « قال أبو جعفر وأبو عبدالله عليهماالسلام : لا تصدّق علينا إلاّما وافق كتاب الله وسنّة نبيّه صلىاللهعليهوآله » (١).
فتلاحظ أنّ جميعها واردة في كلّ خبر يكون مخالفاً للكتاب والسنّة ولا ربط لها بباب الخبرين المتعارضين ، وحينئذٍ يكون المراد من المخالفة فيها هى المخالفة على نحو التباين لا العموم والخصوص أو الاطلاق والتقييد ، فإنّا نقطع بورود مخصّصات أو مقيّدات كثيرة لعمومات الكتاب وإطلاقاتها في الأخبار الظنّية المعتبرة.
ومن القسم الثاني ( الذي هو خالٍ عن تلك التعبيرات ) المقبولة والمرفوعة. وما رواه عبدالرحمن بن أبي عبدالله عن الصادق عليهالسلام ( وقد مرّ ذكرها في الطائفة الثانية من أخبار المرجّحات ).
وليس في شيء منها واحد من تلك التعبيرات الظاهرة في عدم الحجّية ، فيكون المراد من المخالفة فيها المخالفة لظهور الكتاب لا لنصّه وصريحه.
وممّا يشهد عليه وقوع الترجيح بموافقة الكتاب في المقبولة بعد الترجيح بالشهرة أنّ معنى تقديمه عليه هو الأخذ بالخبر المشهور المجمع عليه وإن كان مخالفاً للكتاب والسنّة ، فلو كان المراد من المخالف للكتاب والسنّة هو المخالف لنصّهما وصريحهما لم يجز الأخذ به ولو فرض كونه مشهوراً مجمعاً عليه عند الأصحاب كما لا يخفى.
كما يشهد عليه أيضاً فرض الراوي في المقبولة موافقة كلا الخبرين للكتاب بقوله : « إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنّة » فإنّه إذا كان المراد من المخالفة المخالفة على نحو التباين فلا معنى لأن يكون كلّ من الخبرين المتعارضين المتباينين موافقاً لكتاب الله.
ويشهد عليه ثالثاً وقوع الترتيب بين الترجيح بموافقة الكتاب والترجيح بمخالفة العامّة في المقبولة أيضاً ، فإنّ اعتبار الترتيب لا يلائم عدم الحجّية كما لا يخفى. وبالجملة ليس المراد من المخالفة للكتاب في أخبار الترجيح هى المخالفة لنصّ الكتاب وصريحه ، بل المراد منها بقرينة هذه الشواهد الثلاثة هى المخالفة لظهوره.
وبهذا يظهر الجواب عن الأمر الثاني في كلامه ( وهو عدم شمول أدلّة اعتبار السند
__________________
(١) وسائل الشيعة : الباب ٩ ، من أبواب صفات القاضي ، ح ٤٧.