ولكنّه أيضاً خلاف
الظاهر من الرواية وخلاف التعبير بـ « أصاب إناءه ».
ومنها
: ما ذهب إليه
الشيخ الأنصاري رحمهالله نفسه وهو أنّ إصابة الإناء في هذه الرواية لا يستلزم إصابة
الماء فالمراد أنّه مع عدم تبيّن شيء في الماء يحكم بطهارته ، ومعلوم إن ظهر
الإناء وباطنه الحاوي للماء من الشبهة المحصورة ».
وأورد عليه في
التهذيب بقوله : « وهو بمكان من الغرابة إذ كيف يكون ظهر الإناء الذي بين يدي
المكلّف خارجاً عن الابتلاء ».
أقول
: لا غرابة لتوجيه
الشيخ رحمهالله لأنّه لابدّ في كون شيء ممّا يبتلى به المكلّف دخوله أمّا
في مأكوله أو في ملبوسه أو في أحد تقلّباته الاخرى الواجبة عليه كالتوضّي
والاغتسال والتطهير ونحوها ، ومن الواضح أنّ خارج الإناء ليس داخلاً في واحد من
هذه الامور ، نعم قد يبتلى الإنسان بملاقيه ، ولكن سيأتي أنّ ملاقي الشبهة
المحصورة في أطراف العلم الإجمالي ليس من الأطراف ، ومقصود الشيخ رحمهالله من خروج خارج الإناء عن محلّ الابتلاء إنّما هو خروج الإناء بنفسه لا
بملاقيه.
لكن
يرد عليه : إنّ هذا الوجه
أيضاً خلاف ظاهر قوله عليهالسلام : « أصاب إناءه » حيث إنّ إصابة الإناء في لسان الروايات
كناية عن إصابة ماء الإناء كما أنّ إهراق الإناء في قوله « يهريقهما » في حديث آخر
كناية عن إهراق الماء بلا ريب ، والشاهد على ذلك التعبير بقوله : « إن لم يكن شيئاً يستبين في الماء » ـ فكأنّ أصل
الإصابة بالماء أمر مفروغ عنه والكلام في الإستبانة وعدمها.
فالإنصاف دوران
الأمر بين شيئين : إمّا الالتزام بظاهر الرواية والقول بعدم تنجيس النجاسة القليلة
كما فعله شيخ الطائفة رحمهالله أو الإكتفاء في رفع اليد عنها بإعراض الأصحاب حيث إنّ عدم
وجود فرق بين الأجزاء الصغار وغير الصغار مشهور بشهرة عظيمة تشبه الإجماع ،
ولولاها لأمكن الفتوى بمثل فتوى شيخ الطائفة رحمهالله.
الأمر
الثاني : في الشكّ في
الخروج عن محلّ الابتلاء وعدمه.
ولابدّ قبل البحث
عنه من تعيين ما هو المعيار في كون الشيء محلاً للابتلاء فإنّه يختلف باختلاف
الأدلّة وقد عرفت أنّ المختار هو أن يكون الخطاب الفعلي مستهجناً وتحصيلاً للحاصل
، ثمّ نقول : قد وقع الخلاف بين الشيخ الأعظم والمحقّق الخراساني رحمهالله في الأصل العملي