الجاري عند الشكّ في الخروج عن محلّ الإبتلاء فاختار الشيخ أصالة الاحتياط وذهب المحقّق الخراساني رحمهالله إلى البراءة.
واستدلّ الشيخ رحمهالله بأنّ الخطاب بالاجتناب عن المحرّمات مطلقة غير معلّقة ، والمعلوم تقييدها بالابتلاء في موضع العلم بتقبيح العرف توجيهها ، وما إذا شكّ في قبح التنجيز فيرجع فيه إلى الإطلاقات لأنّ مرجع المسألة إلى أنّ المطلق المقيّد بقيد مشكوك التحقّق في بعض الموارد لتعذّر ضبط مفهومه هل يجوز التمسّك به أو لا؟ والأقوى الجواز.
وذهب المحقّق الخراساني رحمهالله إلى أنّ المرجع في صورة الشكّ في الابتلاء إنّما هو البراءة ( لا اطلاق الخطاب ) لعدم إحراز أصل الاشتغال في هذه الموارد ، توضيح ما أفاده في توجيه ذلك : إنّ التمسّك بالاطلاق منوط بإحراز صحّة اطلاق الخطاب ثبوتاً في مشكوك القيدية وكون الشكّ متمحّضاً في مطابقة الاطلاق للواقع ، وأمّا إذا كان القيد ممّا لا يصحّ الخطاب بدونه كالقدرة العقليّة أو العاديّة التي منها الابتلاء ، فلا معنى للتمسّك بالاطلاق في مرحلة الإثبات لعدم إمكان الاطلاق في مقام الثبوت بعد دخل القدرة في التكليف حتّى يستكشف بالاطلاق في مقام الإثبات.
وقد اختار المحقّق النائيني رحمهالله مذهب الشيخ رحمهالله ببيان آخر وذهب في تهذيب الاصول إلى المختار المحقّق الخراساني رحمهالله ولكن الحقّ مع الشيخ الأعظم رحمهالله لأنّ كثيراً من موارد الشكّ في الابتلاء ترجع إلى الشكّ في القدرة ( كما اشير إليه في بيان المحقّق الخراساني رحمهالله ) وقد مرّ سابقاً أنّ بناء العقلاء في موارد الشكّ في القدرة على الاحتياط.
هذا مضافاً إلى أنّه يمكن لنا كشف فعليّة الخطاب وشموله لمورد الشكّ في الابتلاء من نفس الاطلاق الظاهري للخطاب بضميمة حكمة المولى الحكيم فإنّ توجيه الخطاب إلى شخص ( إمّا بخصوصه أو بعموم أو اطلاق لفظي ) دليل على عدم كونه تحصيلاً للحاصل لما علم من كون المتكلّم حكيماً ، وليس هذا من التمسّك بعموم العام في الشبهات المصداقيّة للمخصّص الممنوع في محلّه.
واستدلّ المحقّق النائيني رحمهالله بأنّ القدر المسلّم من التقييد ما هو إذا كان الخمر خارجاً عن محلّ الابتلاء بحيث يلزم استهجان الخطاب في نظر العرف ، فإذا شكّ في استهجانه وعدمه للشكّ في إمكان الابتلاء بموضوعه أو عدمه فالمرجع هو اطلاق الدليل ، لأنّ المخصّص المجمل