ومنها : قوله : « اتركوا ما لا بأس به حذراً عمّا به البأس » (١) ولا إشكال في أنّ موردها أو القدر المتيقّن منها أطراف العلم الإجمالي.
الطائفة الثانية ما وردت في موارد خاصّة :
منها : ما مرّ سابقاً روايات (٢) القرعة في الغنم الموطوءة ، حيث إنّ الأمر بالقرعة مع عدم حرمة المخالفة الاحتماليّة ممّا لا وجه له.
إن قلت : فلماذا أجاز الشارع إرتكاب الجميع بعد إخراج ما أصابته القرعة؟
قلنا : الجواب عنه واضح ، فإنّ القرعة بمنزلة الأمارة كما يستفاد من أدلّتها فإذا إمتاز الحرام في البين بالأمارة جاز إرتكاب الباقي.
منها : ما مرّ آنفاً من روايات اختلاط الميتة بالمذكّى ، لتقييد جواز البيع فيها بمن يستحلّ كما ذكرنا.
لكن يرد على هذه الطائفة إنّها خارجة عن محلّ النزاع لأنّ محلّ النزاع صورة عدم جريان الاصول الناهية في أطراف العلم الإجمالي وإلاّ لا إشكال في حرمة المخالفة الاحتماليّة حتّى عند القائلين بالجواز لمكان الأصل ، ولا إشكال في جريان استصحاب عدم التذكية في مورد اختلاط الميتة بالمذكّى في جميع الأطراف ، وكذلك في الغنم الموطوءة بناءً على حجّية الاستصحاب التعليقي ( حيث إنّ استصحاب عدم التذكية معلّق على وقوع الذبح خارجاً ) ، لعدم لزوم المخالفة القطعيّة العلميّة حينئذٍ لأنّ غاية ما يترتّب على جريان الاستصحاب إنّما هو ترك جميع الأطراف وهو مخالفة قطعيّة ولا إشكال في عدم مانعيتها عن جريان الاصول.
الطائفة الثالثة : ما وردت في باب النجاسات وتدلّ على لزوم الاجتناب عن أطراف النجاسة المعلومة بالإجمال :
منها : ما رواه محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام ... وقال : « في المني يصيب الثوب ، قال :
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٤١٤ ، طبعة جماعة المدرّسين ، ولم نظفر بها بهذا التعبير في الجوامع الروائية ، نعم في بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٩٦ ، ذيل آية التقوى ( البراءة / ١٠٩ ) عن مصباح الشريعة عن الإمام الصادق عليهالسلام : وتفسير التقوى ترك ما ليس بأخذه بأس حذراً عمّا به بأس.
(٢) وسائل الشيعة : راجع باب ٣٠ تحريم لحم البهيمة التي ينكحها الآدمي من كتاب الأطعمة والأشربة.