دَخَلْتُ عَلى أَبِي جَعْفَرٍ عليهالسلام صَبِيحَةَ عُرْسِهِ حَيْثُ بَنى (١) بِابْنَةِ الْمَأْمُونِ (٢) ، وكُنْتُ تَنَاوَلْتُ مِنَ اللَّيْلِ دَوَاءً ، فَأَوَّلُ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ (٣) فِي صَبِيحَتِهِ أَنَا ، وقَدْ أَصَابَنِي الْعَطَشُ ، وَكَرِهْتُ أَنْ أَدْعُوَ بِالْمَاءِ ، فَنَظَرَ أَبُو جَعْفَرٍ عليهالسلام فِي وجْهِي ، وقَالَ : « أَظُنُّكَ (٤) عَطْشَانَ (٥) ». فَقُلْتُ : أَجَلْ ، فَقَالَ (٦) : « يَا غُلَامُ ـ أَوْ جَارِيَةُ (٧) ـ اسْقِنَا مَاءً » فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : السَّاعَةَ يَأْتُونَهُ بِمَاءٍ يَسُمُّونَهُ بِهِ (٨) ، فَاغْتَمَمْتُ (٩) لِذلِكَ ، فَأَقْبَلَ الْغُلَامُ ومَعَهُ الْمَاءُ ، فَتَبَسَّمَ فِي وجْهِي ، ثُمَّ قَالَ : « يَا غُلَامُ ، نَاوِلْنِي الْمَاءَ ». فَتَنَاوَلَ الْمَاءَ ، فَشَرِبَ ، ثُمَّ نَاوَلَنِي ، فَشَرِبْتُ ، ثُمَّ عَطِشْتُ أَيْضاً ، وكَرِهْتُ أَنْ أَدْعُوَ (١٠) بِالْمَاءِ ، فَفَعَلَ مَا فَعَلَ فِي الْأُولى ، فَلَمَّا جَاءَ الْغُلَامُ ومَعَهُ الْقَدَحُ ، قُلْتُ فِي نَفْسِي مِثْلَ (١١) مَا قُلْتُ فِي الْأُولى ، فَتَنَاوَلَ الْقَدَحَ ، ثُمَّ شَرِبَ ، فَنَاوَلَنِي ، وَتَبَسَّمَ (١٢)
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَمْزَةَ : فَقَالَ لِي هذَا الْهَاشِمِيُّ : وأَنَا أَظُنُّهُ كَمَا يَقُولُونَ (١٣) (١٤)
__________________
(١) تقدّم معنى « بنى » ذيل الحديث ٤ من هذا الباب.
(٢) في الإرشاد : « صبيحة عرسه ببنت المأمون ».
(٣) في « ف » : ـ « عليه ».
(٤) في « ض » : « لأظنّك ». وفي الإرشاد : « أراك ».
(٥) في « ف » : « عطشاناً ». ويجوز فيه التصريف ؛ لأنّ مؤنّثه عطشى وعطشانة.
(٦) في الإرشاد : « قلت : أجل ، قال ».
(٧) في « ب ، ج ، ض ، بح ، بر ، بس ، بف » : « أو يا جارية ». وفي الإرشاد : ـ « أو جارية ».
(٨) في « ج » : ـ « به ». وفي « بح » : « فيه ». و « يسمّونه به » أي يجعلون فيه السمّ.
(٩) في الإرشاد : « مسموم واغتممت » بدل « يسمّونه به فاغتممت ».
(١٠) في الإرشاد : « فشربت ، وأطلت عنده فعطشت ، فدعا » بدل « فشربت ثمّ ـ إلى ـ أن أدعو ».
(١١) في « ف » : ـ « مثل ».
(١٢) في « ب ، ض ، بر » : « فتبسّم ».
(١٣) في الإرشاد : « ففعل كما فعل في المرّة الاولى ، فشرب ثمّ ناولني وتبسّم. قال محمّد بن حمزة : فقال لي محمّد بن عليّ الهاشمي : والله إنّي أظنّ أنّ أبا جعفر يعلم ما في النفوس كما تقول الرافضة » بدل « ففعل ما فعل في الاولى فلمّا ـ إلى ـ كما يقولون ».
(١٤) الإرشاد ، ج ٢ ، ص ٢٩١ ، بسنده عن الكليني. وفي دلائل الإمامة للطبري ، ص ٢١٥ ، عن محمّد بن عليّ بن حمزه الهاشمي الوافي ، ج ٣ ، ص ٨٢٩ ، ح ١٤٣٩.