فَدَعَوْتُهُ ـ وكَانَ مُتَنَحِّياً ـ فَدَنَا مِنْهُ ، فَقَبَّلَ (١) رَأْسَهُ ، وقَالَ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، أَوْصِنِي (٢) ، فَقَالَ : « أُوصِيكَ أَنْ تَتَّقِيَ اللهَ فِي دَمِي ». فَقَالَ مُجِيباً لَهُ : مَنْ أَرَادَكَ بِسُوءٍ فَعَلَ اللهُ بِهِ ، وجَعَلَ يَدْعُو عَلى مَنْ يُرِيدُهُ بِسُوءٍ ؛ ثُمَّ عَادَ ، فَقَبَّلَ رَأْسَهُ ، فَقَالَ (٣) : يَا عَمِّ ، أَوْصِنِي ، فَقَالَ : « أُوصِيكَ أَنْ تَتَّقِيَ اللهَ فِي دَمِي ». فَقَالَ : مَنْ أَرَادَكَ بِسُوءٍ فَعَلَ اللهُ بِهِ وفَعَلَ ؛ ثُمَّ عَادَ ، فَقَبَّلَ رَأْسَهُ ، ثُمَّ قَالَ : يَا عَمِّ ، أَوْصِنِي ، فَقَالَ (٤) : « أُوصِيكَ أَنْ تَتَّقِيَ اللهَ فِي دَمِي ». فَدَعَا عَلى مَنْ أَرَادَهُ بِسُوءٍ ، ثُمَّ تَنَحّى عَنْهُ (٥) ، و (٦) مَضَيْتُ مَعَهُ (٧) ، فَقَالَ لِي أَخِي : « يَا عَلِيُّ ، مَكَانَكَ » فَقُمْتُ مَكَانِي ، فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ ، ثُمَّ دَعَانِي ، فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ ، فَتَنَاوَلَ صُرَّةً (٨) فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ ، فَأَعْطَانِيهَا ، وقَالَ : « قُلْ لِابْنِ أَخِيكَ يَسْتَعِينُ (٩) بِهَا عَلى سَفَرِهِ ».
قَالَ عَلِيٌّ : فَأَخَذْتُهَا ، فَأَدْرَجْتُهَا فِي حَاشِيَةِ رِدَائِي ، ثُمَّ نَاوَلَنِي مِائَةً أُخْرى ، وقَالَ (١٠) : « أَعْطِهِ أَيْضاً » ثُمَّ نَاوَلَنِي صُرَّةً أُخْرى ، وقَالَ : « أَعْطِهِ أَيْضاً » فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، إِذَا كُنْتَ تَخَافُ مِنْهُ مِثْلَ الَّذِي ذَكَرْتَ ، فَلِمَ تُعِينُهُ عَلى نَفْسِكَ؟
فَقَالَ : إِذَا وصَلْتُهُ وقَطَعَنِي (١١) ، قَطَعَ اللهُ أَجَلَهُ ، ثُمَّ تَنَاوَلَ مِخَدَّةَ (١٢) أَدَمٍ (١٣) ، فِيهَا
__________________
(١) في « بس » : « وقبّل ».
(٢) في « بس » : « أوصيني ».
(٣) في « ض » : « ثمّ قال ».
(٤) في « بس » : « قال ».
(٥) في « ج » : « منه ».
(٦) في « بر » : « ثمّ ».
(٧) في « بف » : « عنه ».
(٨) « الصرّة » : هي ما يُصَرّ فيه ، أي يُجْمَع فيه. وصُرّة الدراهم معروفة. راجع : لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٤٥١ ـ ٤٥٢ ( صرر ).
(٩) في الوافي : « فيستعين ».
(١٠) في « ف » : « فقال ».
(١١) في « ف » : « قطع ».
(١٢) « المِخَدَّة » : ما يوضع الخَدّ عليه. قال الفيض : « أراد بها الخالية عن الحشو المجعولة كيساً للدراهم ». راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٤٦٨ ( خدد ) ؛ الوافي ، ج ٣ ، ص ٨١٢.
(١٣) « الأدَم » : اسم لجمع أدِيم ، وهو الجلد المدبوغ المصلح بالدِباغ. المغرب ، ص ٢٢ ( أدم ).