وَقَدْ وجَدْتُ مَا كُنْتُ أَجِدُ إِذَا حَضَرَتْ ولَادَتِي ، وقَدْ أَمَرْتَنِي أَنْ لَا أَسْتَبِقَكَ (١) بِابْنِكَ هذَا ، فَقَامَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام ، فَانْطَلَقَ (٢) مَعَ الرَّسُولِ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ : سَرَّكَ اللهُ ، وَجَعَلَنَا فِدَاكَ ، فَمَا أَنْتَ صَنَعْتَ مِنْ حَمِيدَةَ؟ قَالَ : « سَلَّمَهَا اللهُ ، وقَدْ وهَبَ لِي غُلَاماً وَهُوَ خَيْرُ مَنْ بَرَأَ (٣) اللهُ فِي خَلْقِهِ ، ولَقَدْ أَخْبَرَتْنِي حَمِيدَةُ عَنْهُ بِأَمْرٍ ظَنَّتْ أَنِّي لَا أَعْرِفُهُ ، وَلَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمَ بِهِ مِنْهَا ».
فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، ومَا (٤) الَّذِي أَخْبَرَتْكَ بِهِ حَمِيدَةُ عَنْهُ؟
قَالَ : « ذَكَرَتْ أَنَّهُ سَقَطَ مِنْ بَطْنِهَا ـ حِينَ سَقَطَ ـ واضِعاً يَدَهُ (٥) عَلَى الْأَرْضِ ، رَافِعاً رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ ، فَأَخْبَرْتُهَا أَنَّ ذلِكَ أَمَارَةُ رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأَمَارَةُ الْوَصِيِّ (٦) مِنْ بَعْدِهِ ».
فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، ومَا هذَا مِنْ أَمَارَةِ (٧) رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأَمَارَةِ الْوَصِيِّ (٨) مِنْ بَعْدِهِ (٩)؟
فَقَالَ لِي : « إِنَّهُ لَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي عُلِقَ (١٠) فِيهَا بِجَدِّي ، أَتى آتٍ جَدَّ أَبِي بِكَأْسٍ فِيهِ شَرْبَةٌ أَرَقُّ مِنَ الْمَاءِ ، وأَلْيَنُ مِنَ الزُّبْدِ (١١) ، وأَحْلى مِنَ الشَّهْدِ ، وأَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ ، وَأَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ ، فَسَقَاهُ إِيَّاهُ ، وأَمَرَهُ بِالْجِمَاعِ ، فَقَامَ ، فَجَامَعَ ، فَعُلِقَ بِجَدِّي.
وَلَمَّا أَنْ كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي عُلِقَ فِيهَا بِأَبِي ، أَتى آتٍ جَدِّي ، فَسَقَاهُ كَمَا سَقى جَدَّ
__________________
(١) في « ج ، ف » وشرح المازندراني والوافي ومرآة العقول : « لا أسبقك ».
(٢) في « ب » : « وانطلق ».
(٣) في « ف » : « برأه ».
(٤) في « ب » : ـ « و ». وفي « ض ، بر ، بس ، بف » والوافي : « فما ».
(٥) هكذا في « ب ، ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف » والمحاسن والبحار ، واريد بها الجنس. وفي المطبوع : « يديه ».
(٦) في حاشية « ف » : « الأوصياء ».
(٧) في « ف » : « وما هذه أمارة ».
(٨) في « ب » : « وصيّه ».
(٩) في البحار : ـ « فقلتُ : جعلت فداك ـ إلى ـ الوصيّ من بعده ».
(١٠) « علق » : مجهول من عَلِقَت المرأةُ ، أي حَبَلتْ. الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٥٢٩ ( علق ). والمراد « بجدّي » السجّاد عليهالسلام.
(١١) « الزُبد » : ما يستخرج بالمخض من لبن البقر والغنم. المصباح المنير ، ص ٢٥٠ ( زبد ).