احْتَجَبْتَهَا (١) واحْتَجَبَهَا أَبُوكَ مِنْ قَبْلِكَ ، وقَدِيماً ادَّعَيْتُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ ، وبَسَطْتُمْ آمَالَكُمْ إِلى مَا لَمْ يُعْطِكُمُ اللهُ ، فَاسْتَهْوَيْتُمْ (٢) وأَضْلَلْتُمْ ، وأَنَا مُحَذِّرُكَ مَا حَذَّرَكَ اللهُ مِنْ نَفْسِهِ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ عليهالسلام : « مِنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللهِ جَعْفَرٍ (٣) وَعَلِيٍّ (٤) مُشْتَرِكَيْنِ (٥) فِي التَّذَلُّلِ لِلّهِ وطَاعَتِهِ ، إِلى يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَسَنٍ (٦) : أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنِّي أُحَذِّرُكَ اللهَ ونَفْسِي ، وأُعْلِمُكَ أَلِيمَ عَذَابِهِ وشَدِيدَ عِقَابِهِ وتَكَامُلَ نَقِمَاتِهِ ، وَأُوصِيكَ ونَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ ؛ فَإِنَّهَا زَيْنُ الْكَلَامِ وتَثْبِيتُ النِّعَمِ ، أَتَانِي كِتَابُكَ تَذْكُرُ فِيهِ أَنِّي مُدَّعٍ وأَبِي مِنْ قَبْلُ ، ومَا سَمِعْتَ ذلِكَ مِنِّي و ( سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ ) (٧) ولَمْ يَدَعْ حِرْصُ الدُّنْيَا ومَطَالِبُهَا (٨) لِأَهْلِهَا مَطْلَباً لآِخِرَتِهِمْ حَتّى يُفْسِدَ (٩) عَلَيْهِمْ مَطْلَبَ
__________________
إيّانا ، أو مع أنّك مخذول ». ونقل المجلسي عن بعض النسخ : « من رحمتك ». راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٦٨٣ ( خذل ).
(١) في الوافي : « قد احتجبتها : احتجبتَ عن مشاورتي ولم تحضرها ، فصار ذلك سبباً لتعوّق الناس عنّي ».
(٢) « فاستهويتم » ، أي ذهبتم بعقول الناس وأهوائهم ، أو حيّرتموهم ، أو زيّنتم لهم هواهم. راجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٧٦٤ ( هوى ).
(٣) هكذا في « ألف ، ج ، ض ، و، بح ، بر ، بس ، بف » وشرح المازندراني والوافي ومرآة العقول. وفي الوافي : « كنّى أوّلاً بالعبوديّة ثمّ صرّح باسمه ». وفي « ف » والطبعة السابقة : « موسى بن عبد الله بن جعفر ». وفي المطبوع : « موسى بن أبي عبد الله جعفر » ، واستظهر في حاشيتها صحّته.
هذا ، وفي بحار الأنوار ، ج ٤٨ ، ص ١٦٦ : « موسى بن أبي عبد الله جعفر » لكنّ الظاهر أنّ وقوع هذا العنوان في المتن سهو ؛ لما أورد العلاّمة المجلسي في ذيل الحديث ـ في إيضاح ـ حيث قال : « قوله : من موسى بن عبد الله : في بعض النسخ : « عبدي الله » وهو الأظهر » إلى أن قال : « وفي بعض النسخ : « أبي عبد الله ».
(٤) في الوافي : « كأنّه عليهالسلام أشرك أخاه عليّ بن جعفر معه في المكاتبة ليصرف بذلك عنه ما يصرف عن نفسه منالدعوى ؛ لئلاّ يظنّ به الظنّ ، كما ظنّ به عليهالسلام ».
(٥) في الوافي : « مشركَيْن ، بصيغة التثنية ، حال عنهما ». وفي مرآة العقول : « مشتركين ، بصيغة الجمع حال عن الجميع ، ويؤيّده ما في بعض النسخ : من عبدي الله جعفر وعليّ ... ولعلّ فيه زيادة أو تحريفاً من النسّاخ ».
(٦) في الوافي والبحار : « الحسن ».
(٧) الزخرف (٤٣) : ١٩.
(٨) في « ف » : « مطالبتها ». وفي مرآة العقول : « ومطالبها ، بالرفع عطفاً على الحرص ، أو بالجرّ عطفاً على الدنيا ».
(٩) في « ف ، بس » : « تفسد ».