فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : « يَغْفِرُ اللهُ لَكَ ، مَا أَخْوَفَنِي أَنْ يَكُونَ هذَا الْبَيْتُ يَلْحَقُ صَاحِبَنَا (١) :
[ ................. ] |
|
مَنَّتْكَ (٢) نَفْسُكَ فِي الْخَلَاءِ ضَلَالاً (٣) |
__________________
(١) في الوافي : « أراد بالصاحب المخاطب ».
(٢) في حاشية « بر » : « منّنتك ». وقوله : « منّتك » ، أي أعطتك نفسك في الخلوة هذه الخصلة الذميمة ؛ من المَنّ بمعنى الإحسان والإنعام والإعطاء. أو جعلك متيقّناً بالأمانيّ الباطلة ، من المَنّ بمعنى اعتقاد المَنّ. أو امتنّ عليك بالضلال ، من المَنّ بمعنى الامتنان. راجع : شرح المازندراني ، ج ٦ ، ص ٢٩٩ ؛ مرآة العقول ، ج ٤ ، ص ١٢٩ ؛ لسان العرب ، ج ١٣ ، ص ٤١٧ ـ ٤١٨ ( منن ).
(٣) هذا هو عجز بيت صدره :
أَنعِق بَضأنِك يا جرير فإنّما |
|
مَنّتك نفسك في الخَلاءِ ضَلالا |
الوزن : البحر الكامل. والقائل : الأخطل ، وهو غياث بن غوث بن الصلت التغلبي النصراني ، والأخطل لقبه ؛ مشتقّ من الخطل : وهو استرخاء الاذنين. وقيل : لقّبه به كعب بن جُعيل الشاعر لبذاءته وسلاطة لسانه. ( لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٢٠٩ ـ ٢١٠ ، خطل ).
ونشأ الأخطل في أطراف الحيرة على النصرانيّة ومات عليها ، وكان منقطعاً إلى حكّام بني اميّة ، مقدّماً عندهم ، فقد مدح معاوية وابنه يزيد ، وهجا الأنصار ـ رضي الله عنهم ـ بسببه ، ونادم عبدالملك بن مروان ، وطوّل لسانه حتّى جاهر بالطعن على الدين والاستخفاف بالمسلمين ، وتناول أعراض المؤمنين وقبائل العرب وأشرافهم ، وتعرّض لجرير والفرزدق بأقبح الهجاء. ومات سنة ٩٠ للهجرة. ( خزانة الأدب ، ج ١ ، ص ٤٥٩ ـ ٤٦١ ؛ الأغاني ، ج ٨ ، ص ٢٨٠ ؛ الشعر والشعراء ، ص ٣٢٥ ؛ دائرة المعارف الإسلاميّة ، ج ١ ، ص ٥١٥ ؛ الأعلام للزركلي ، ج ٥ ، ص ١٢٣ ).
المصادر : أوردها الزمخشري في الكشّاف ، ج ١ ، ص ٢١٤ ؛ والبغدادي في خزانة الأدب ، ج ١١ ، ص ١٣٣ ؛ وابن منظور في لسان العرب ، ج ١ ، ص ٣٥٦. وراجع : ديوان الأخطل ، ص ٤١ ـ ٥١.
والبيت من قصيدة للشاعر هجا بها جريراً ، وروي عن جرير أنّه قال : ما غلبني الأخطل إلاّفي هذه القصيدة.
شرح الغريب : النعيق : التصويت ، يقال : نعق الراعي بالغنم ينعِق نُعاقاً ونعيقاً : صاح بها وزجرها ( لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ٣٥٦ ، نعق ) والمعنى : أنّك يا جرير من رعاة الغنم ، ولست من الأشراف وأهل المفاخر ، وما منّتك به نفسك وسوّلته لك في الفضاء الخالي من الناس ، أنّك من العظماء ، إنّما هو ضلال باطل لاحقيقة له ، لأنّك لاتقدر على إظهاره في الملأ.