قال عمر ابن الخطاب : لو استخلفت سالماً مولى أبي حذيفة ، فسألني : ما حملك على ذلك ؟ لقلت : يا رب ! سمعت نبيّك يقول : إنّه يحبّ الله حقاً من قلبه.
ولو استخلفت معاذ بن جبل فسألني ربّي : ما حملك على ذلك ؟
لقلت : يا ربّ ! سمعت نبيك محمّداً يقول : إنّ العلماء إذا حضروا ربهم كان معاذ بن جبل بين أيديهم...» (١) .
فهذه الأخبار تصرّح بأن عمر يستخلف سالماً يستخلف سالماً لو كان حيّاً ، وهي ليست بأصرح في ذلك من الخبر الذي ذكره المصنف رحمهالله ، لأنّه في مقام الاستخلاف الفعلي ، لكنّ الخصم أبى إلا عناداً.
وقد سمعت في بعض هذه الأخبار أن عمر ذكر للخلافة من غير قريش معاذاً أيضاً ؛ إذ هو من الأنصار ، فتثبت به المناقضة أيضاً.
وقد جاء ــ أيضاً ــ ذكر معاذ في رواية ابن قتيبة في كتاب «الإمامة والسياسة» ص ٢٣ قال :
قال عمر : «لو أدركت معاذ بن جبل استخلفته» (٢) الحديث.
وأما ما أجاب به عن المناقضة بقوله : فربّما كان مذهبه أنّ القرشية لیست بشرط في الخلافة.
ففيه : إن الأمر إذا كان كذلك فبم تغلبوا على الأنصار في السقيفة ؟! وكيف يقول عمر : زوّرت في نفسي مقالة أعجبتني ، فوالله ، ما ترك ــ أي أبو بكر ــ من كلمة أعجبتنى فى تزويري إلا قال مثلها وأفضل ؟ !
وقد كان من جملة ما قاله أبو بكر : لن يعرف هذا الأمر إلا لهذا الحيّ
__________________
(١) كنز العمال ١٢ / ٦٧٥ ح ٣٦٠٣٣ ، وانظر : حلية الأولياء ١ / ١٧٧ و ٢٢٨ و ٢٢٩.
(٢) الإمامة والسياسة ١ / ٤٢.