فكذا أُمّة نبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد أن آمنوا به و نصروه ، انقلبوا بالأثر على أعقابهم ، واتّبعوا في السقيفة غير من نصبه لهم ، واستضعفوا من بمنزلة هارون من موسى ، وكادوا يقتلونه يوم قادوه بحمائل سيفه.
ولو أحسنًا الظن بعموم الصحابة لكذبنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في قوله المذكور ؛ فإنّ المسلمين لم يتبعوا سُنّة بني إسرائيل في مخالفة خليفة موسى إلا يوم السقيفة حيث خالفوا خليفة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم واتبعوا غيره .
ولذا قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ليسیرن راكب في جانب المدينة فيقولن : لقد كان في هذه مرّة حاضر من المؤمنين كثير » ، كما في مسند أحمد (١) بلفظه ، أو نحوه (٢) .
فإن قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « مرّة » دال على قصر زمان الإيمان بالمدينة ، وعلى كونه اتفاقياً غير دائمي ، ولا بد أن يكون الاتفاقي هو الإيمان في زمان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ لأن الناس بعده إلى هذا الوقت على مذهب واحد ، وهو ليس إيماناً حقيقياً وعلى ما يريد الله ورسوله ، وإلا لكان وجود المؤمنين دائمياً لا اتفاقياً ، وما مغايرته له إلا لمخالفتهم خليفة النبي ، وإنكارهم النص عليه إنكاراً مستمراً من يوم السقيفة إلى هذا الوقت ، فإنّه لم يصدر منهم ما يوجب كونهم غير مؤمنين في طول هذا الزمان سواه .
وأما ما أجاب به عن حديث الحوض ، فهو مشوّش خال عن المعنى ولا محصل له ، إلا أن يراد به دعوى أن المراد بالحديث الذي ذكره المصنّف وأمثاله من الأحاديث هم أهل الردّة دون أبي بكر ومن قال بإمامته ، وإلا لزم أن يكون المؤمنون بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في كل عصر قليلين ،
__________________
(١) ص : ٣٤٧ ج ٣ . منه قدسسره .
(٢) ص : ٢٠ ج ١ . منه قدسسره .