وفعل بالشام والجزيرة واليمن مثل ما فعل بالعراق من استصفاء ما كان للملوك من الضياع وتصييرها لنفسه خالصة ، وكان أوّل من كانت له الصوافي في جميع الدنيا ، حتى بمكّة والمدينة.
وقال ما موجزه :
(وولّى معاوية عبد الله بن درّاج مولاه خراج العراق ، فكتب إليه : أنّ الدهاقين اعلموه أنّه كان لكسرى وآل كسرى صوافي يجتبون مالها لأنفسهم ولا تجري مجرى الخراج ، فكتب إليه : أن أحص تلك الصوافي ، واستصفها ، واضرب عليها المسنّيات.
فأمر فأتي بالديوان من حلوان ، واستخرج منه كلّ ما كان لكسرى وآل كسرى ، وضرب عليه المسنّيات ، واستصفاه لمعاوية ، فبلغت جبايته خمسين ألف ألف درهم من أرض الكوفة وسوادها ، وكتب إلى واليه بالبصرة بمثل ذلك وأمرهم أن يحملوا إليه هدايا النيروز ، والمهرجان ، فكان يحمل إليه في النيروز وغيره وفي المهرجان عشرة آلاف ألف) (١).
وإنّما استطاع معاوية ان يفعل في سلطانه ما يشاء نتيجة إبعاده عن الشام صحابة الرسول (ص) ولم يكن في جيشه عند ما قاتل الإمام عليّا في صفين من أنصار الرسول الله (ص) غير اثنين ، فقد روى اليعقوبي في تاريخه (٢ / ١٨٨) وقال :
وكان مع عليّ يوم صفين من أهل بدر سبعون رجلا ، وممّن بايع تحت الشجرة سبعمائة رجل ، ومن سائر المهاجرين والأنصار أربعمائة رجل ، ولم يكن مع معاوية من الأنصار إلّا النعمان بن بشير ، وسلمة بن مخلد.
* * *
__________________
(١) اليعقوبي ٢ / ٢١٨.