سابع عشر ـ مناقشة روايات زيادة القرآن ونقصانه والّتي تسمّى بالنسخ والإنساء
أوردنا في البحث الرابع أمثلة من روايات مدرسة الخلفاء في زيادة القرآن ونقصانه ـ معاذ الله ـ والّتي توصف بروايات نسخ التلاوة ، ومهّدنا لمناقشتها البحوث الماضية. وآن أن ندرسها في ما يأتي بحوله تعالى ، ونقول :
أوّلا ـ يرد على تلكم الروايات أنّ جلّها تنسب النسيان أو الإنساء إلى رسول الله (ص) وحده أو مع أصحابه ، وذلك ينافي عصمته في التبليغ ، وقد أرسله الله بالقرآن ليبلّغ به البشر كافّة ، فكيف لم يعصمه الله من النسيان كما تزعم الروايات؟
وكيف أسقط آيات من سور القرآن كما تصرّح به الرواية الموسومة بالصحّة؟
وكيف لم يتداركه الوحي ، ولم يذكّره جبرائيل الّذي كان يعارضه القرآن في كلّ سنة ، وبقي ناسيا للآيات حتّى ذكّرته قراءة صحابي إيّاها في مسجده؟
ثانيا ـ إنّ إنساء الرسول ونسيانه يناقض نصّ القرآن الكريم في محكم بيانه. فكيف تصحّ كلّ تلكم الأحاديث وقد قال الله سبحانه وتعالى :
(سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى * إِلَّا ما شاءَ اللهُ). (الأعلى / ٦ ، ٧)
إنّ هذه السورة مكّية وكلّ أحاديث النسيان والإنساء تتحدّث عن زمان كان الرسول (ص) فيها بالمدينة. فهي جميعا تعارض نصّ القرآن الكريم وتطرح ، ولا يقال : إنّ الآية استثنت وقالت : (إِلَّا ما شاءَ اللهُ) ، وإنّ موارد إنساء الرسول (ص) من مصاديق مشيئة الله لإنسائه ، فإنّ آيات اخرى نظيرها تفسّر معنى