ثالثا ـ أحكام اسلاميّة تتناسب مع فطرة الإنسان في حالة خاصّة :
ونضرب لها مثالا من النظام الاقتصادي المتناسب مع فطرة الإنسان في المجتمع.
الإنسان في مجتمع المدينة ينتج سلعا ، ويستهلك سلعا اخرى ، فهو أبدا ودائما بحاجة إلى بيع منتوجه وشراء منتوج غيره ، ومن ثمّ يتكون مجتمع المدينة من البائع والمشتري ، وأحيانا لا يملك منتوجا يبيعه ، بل يملك عملا منتجا يضطر إلى بيعه لمن يشتريه ، ومن ثمّ يتكوّن في المجتمع أجير ومستأجر. وقد تفصل المسافات بين المنتج والمستهلك ، فيحتاجان إلى الوسيط وهو التاجر.
وهذه الحالات في المجتمع البشري من سنن الله الّتي لا تبديل لها. وقد شرّع الله لها البيع والشراء والتجارة والإيجار والاستئجار ، قال الله سبحانه :
(أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ...).
وقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ ...). (النّساء / ٢٩)
وقال : (... إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها). (البقرة / ٢٨٢)
وقال يحكي وقوع الإيجار والاستئجار بين نبيّيه شعيب وموسى (ع) :
(قالَتْ إِحْداهُما يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ* قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ ...). (القصص / ٢٦ ، ٢٧)
شرّع الله هذه الأحكام للإنسان في المجتمع بشرط أن يعملوا بالعدل ، ولا يأكلوا أموالهم بينهم بالباطل ، كالرّبا الّذي حرّمه الله.
شرّع الله هذه الأحكام للإنسان في المجتمع أبد الدهر ، وقال عن بني إسرائيل : (وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ). (النّساء / ١٦١)