سادسا ـ اجتهاد القرّاء وتبديلهم النصّ القرآني بغيره استنادا إلى ما سبق ذكره
في النصف الثاني من القرن الأوّل الهجري اجتهد القرّاء ، واعتمدوا الروايات والاجتهادات اللّاتي أوردناها سابقا ، واختلقوا القراءات المختلفة وأسّسوا بذلك علم القراءات ، فقد كان العلماء يروون يومئذ في ما يروون ما خلاصته :
أ ـ انّ الرسول (ص) ناجى ربّه وطلب منه : أن يخفف عن أمتّه في قراءة النصّ القرآني فأذن لهم أن يقرءوا بسبعة أحرف ، أي : يبدلوا كلامه المجيد بما شاءوا كما شاءوا ، وان لهم أن يبدلوا ما جاء من أسماء الله الحسنى في القرآن الكريم بعضه ببعض الآخر بشرط أن لا يتبدل معنى آية رحمة بآية عذاب أو آية عذاب بآية رحمة ، وأنّ للنّاس كل النّاس أن يبدلوا ما جاء في آية ـ مثلا ـ (عزيز حكيم) ب (سميع بصير).
ب ـ أنّ الصحابة بدلوا النصوص القرآنية بما رأوه موافقا لقواعد العربية أو بنصوص اخرى استحسنوها ، وفق اجتهادهم.
ج ـ ان الخليفة عثمان قال : في المصحف لحن ستقيمه العرب بألسنتها ، وظنّوا أنّه أراد أنّ في رسم الخط خطأ ستقيمه العرب بألسنتها ، وكما جرى ذلك إلى يومنا هذا ، وقرءوا النصّ المكتوب لحنا صحيحا ، ولم ينتبهوا إلى أنّ الرواية قد تكون مختلقة ومفتراة من قبل الزنادقة.
وبسبب ما ذكرناه قامت جماعة من اولئك العلماء بتبديل النصّ القرآني وفق اجتهادهم الخاص اقتداء منهم بما رووا عن الصحابة ، وأخذوا بتلك الروايات ، أي : أنّهم استقوا في عملهم من معينين :