هريرة وأبي جهيم الأنصاري وامّ أيّوب قد صدرت عنهم تلك الروايات ، ولو أنّ تلك الروايات كانت قد رويت عن واحد منهم أو اثنين لجاز لنا أن نقول ـ مثلا ـ قد تحدّث الصحابي بما تحدّث به أو تحدّثا بما تحدّثا به عن غفلة ودون انتباه لما يجري في محاوراتهم ، امّا أن يكون الجميع قد غفلوا عمّا يجري في محاوراتهم وفي ما يتلونه من آيات القرآن الكريم ، وتحدّثوا بتلك الروايات فانّنا لا نستطيع أن نصدّق ذلك! بل نقول : إنّ شأن تلكم الروايات شأن الروايات الّتي بحثنا عن منشئها ورواتها في البحوث السابقة ، وأنّها رويت عن رسول الله وعن أصحابه دون أن يتحدّثوا بها ، وركّب عليها أسانيد إلى الصحابة مقبولة لدى المحدّثين ، ثمّ دسّت في أحاديث الصحابة.
وإنّ كل ذلك قد فعل بعد ما يقارب نصف قرن من عصر الصحابة وفي أخريات العصر الأموي ، ثمّ دوّنت في كتب الحديث في عصر تدوين الحديث كما سندرسه في ما يأتي من البحوث إن شاء الله تعالى.
ولعظيم ما في تلكم الروايات من الافتراء على الله جلّ اسمه ورسوله (ص) وكتابه الكريم وصحابة رسوله (ص) بقيت مدّة من الزمن في حيرة من أمري عمّا ينبغي لي أن أقفه من تلكم الروايات ، كما سأذكره في ما يأتي.
حيرتي في العمل مع الروايات الآنفة :
تركت بادئ ذي بدء ذكر روايات السبعة أحرف لما كنت أجد نفسي بين أمرين أحلاهما مرّ :
أ ـ هل اورد الروايات ولا أفنّدها ، فأكون عندئذ كالباحث عن حتفه بظلفه في تنبيهي خصوم الإسلام عليها فانّهم لا بدّ أن يستدلوا بها في الطعن بثبوت النصّ القرآني.
ب ـ اورد تلكم الروايات ، ثمّ أقوم بتفنيدها وهي عشرات من الروايات