كيفيّة حكم الإمام عليّ في الكوفة وشأنه مع القرّاء والقرآن وحديث الرسول :
ساوى الإمام عليّ في حكمه بين المسلمين ، ولم يفضّل أحدا على أحد ، وخالفه معاوية ، ففضّل أشراف القبائل على من دونهم ووزّع فيهم الصّلات والجوائز ؛ فانتشر التذمّر من حكمه بين وجهاء القبائل وأشرافها ، فتفرّقوا عنه ، والتحق بعضهم بمعاوية.
وكان الإمام يوزّع بيت المال عليهم بالسويّة في كلّ أسبوع.
نشر الإمام تفسير القرآن :
تكرر خطاب الإمام للناس وهو على المنبر بأمثال قوله :
سلوني قبل أن تفقدوني فو الله ما بين لوحي المصحف آية تخفى عليّ في ما انزلت ولا أين نزلت ولا ما عني بها.
وأقاموا على الإمام حربي الجمل وصفّين. وأيضا بسبب عدله ، اجتمع عليه أصحاب الورع والتّقى من صحابة الرسول (ص) ؛ فقد روى ابن أعثم عن سعيد بن جبير وغيره أنّه كان مع عليّ في حرب صفين ثمانمائة رجل من الأنصار وتسعمائة ممّن بايع تحت الشجرة فيهم ثمانون بدريّا (١) ، ولم يكن مع معاوية من الأنصار غير نعمان بن بشير ومسلمة بن مخلّد (٢) ، وبعد صفين جاور هؤلاء مع الإمام عليّ في الكوفة وأتاح لهم الإمام فرصة نشر حديث الرسول (ص) بعد أن منعوا من روايته خمسا وعشرين سنة ، وحرّضهم على ذلك ، فسمع حديث الرسول (ص) من أفواه الصحابة آلاف التابعين ، ومن التابعين أتباع التابعين وهكذا دواليك حتى عصر التأليف بمدرسة الخلفاء ، حيث دوّنت تلك الأحاديث
__________________
(١) فتوح ابن أعثم ٢ / ٨٨ ، في ذكره حرب صفين.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٨٨.