لتحصيل الفراغ قطعا ، فكما يجب فيما علم وجوب شيء إحراز إتيانه إطاعة لامره ، فكذلك يجب فيما علم حرمته إحراز تركه وعدم إتيانه امتثالا لنهيه. غاية الامر كما يحرز وجود الواجب بالاصل ، كذلك يحرز ترك الحرام به (١) ، والفرد المشتبه وإن كان مقتضى أصالة البراءة جواز
______________________________________________________
(١) هذا بيان لما اختاره من التفصيل في المشتبه من افراد الشبهة الموضوعية التحريمية ، من انه لا يجب الاجتناب عن مطلق المشتبه في الشبهة الموضوعية التحريمية وان علم بالحكم الكلي ، وتجري البراءة في النهي المتعلق بالطبيعة الكلية اذا كان النهي انحلاليا ، وفيما لم يكن انحلاليا فلا مجرى للبراءة مطلقا ، ويجري الاستصحاب في خصوص ما كان مسبوقا بالترك كما مر بيانه ، والى هذا اشار بقوله : ((فانقدح بذلك ان مجرد العلم بتحريم شيء)) وان كان واصلا بما هو متعلق بكلي الطبيعة إلّا انه ((لا يوجب لزوم الاجتناب عن افراده المشتبهة فيما كان المطلوب بالنهي)) انحلاليا ينحل الى ((طلب ترك كل فرد على حدة)) فانه فيه تجري البراءة كما عرفت ، وكذلك فيما لم يكن انحلاليا بان كان متعلق النهي شيئا واحدا ، ولكنه كان مسبوقا بالترك فيجري الاستصحاب دون البراءة وان اتفقا في نتيجة الامر بجواز ارتكاب الفرد المشتبه ، واليه اشار بقوله : ((او كان الشيء مسبوقا بالترك)) واما في عدا ذلك بان كان متعلق النهي شيئا واحدا لا متعددا ولم يكن هناك استصحاب ، فيجب الاجتناب عن الفرد المشتبه ، ولا تجري البراءة العقلية لان شغل الذمة اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني ، والى هذا اشار بقوله : ((وإلّا لوجب الاجتناب عنها)) أي عن الافراد المشتبه ((عقلا)) ومن هذا يظهر ان كلام المصنف في جريان البراءة العقلية فلا ينبغي الايراد عليه بانه سيأتي منه في باب الاشتغال جريان البراءة النقلية.
ثم اشار الى الوجه في لزوم الاجتناب في الفرض المذكور بقوله : ((لتحصيل الفراغ قطعا)) وان الحال في النهي كالحال في الامر ((فكما يجب فيما علم وجوب شيء احراز اتيانه)) لوصوله بالعلم به فيجب على المكلف احراز الامتثال ((اطاعة