واما الثالث : فبعد تسليم ظهور كون الكل في المجموعي لا الافرادي ، لا دلالة له إلا على رجحان الاتيان بباقي الفعل المأمور به ـ واجبا كان أو مستحبا ـ عند تعذر بعض أجزائه ، لظهور الموصول فيما يعمهما ، وليس ظهور (لا يترك) في الوجوب ـ لو سلم ـ موجبا لتخصيصه بالواجب ، لو لم يكن ظهوره في الاعم قرينة على إرادة خصوص الكراهة أو مطلق المرجوحية من النفي ، وكيف كان فليس ظاهرا في اللزوم هاهنا ، ولو قيل بظهوره فيه في غير المقام (١).
______________________________________________________
فتحصل من جميع ما ذكرنا : انه لا مانع من دلالة هذا الخبر على لزوم الاتيان بالباقي من المركب ، وضعف سنده منجبر بعمل المشهور به في استنادهم اليه واستدلالهم به.
(١) هذا الخبر الثالث مروي ايضا عن امير المؤمنين عليهالسلام وهو قوله عليهالسلام : (ما لا يدرك كله لا يترك كله) (١) ودلالته على وجوب الاتيان بالباقي من المركب الواجب بعد تعذر بعض اجزائه تتوقف على ان يكون المراد من (كل) في قوله ما لا يدرك كله لا يترك كله هو الكل المجموعي ولو بنحو الشمول له وللكل الافرادي ، لوضوح انه لو كان المراد منه هو خصوص الكل الافرادي لما صح ان يكون دليلا للاتيان بالباقي من الكل المجموعي ، وتتوقف ايضا على ان يكون قوله (لا يترك) دالا على الوجوب ، اذ لو دل على الرجحان لما نقع في المقام .. واذا تم الامران بان كان (كل) كلا مجموعيا ، وكان (لا يترك) دالا على الوجوب يتم الاستدلال بهذا الخبر على وجوب الاتيان بالباقي من المركب الواجب عند التعذر ، لان المتحصل من الخبر هو ان الكل المجموعي حيث لا يدرك مجموعه لتعذر بعض اجزائه لا يجوز ترك ما يدرك منه وهو الباقي من اجزائه.
__________________
(١) عوالي اللآلي : ج ٤ ، ص ٥٨.