الحوالة ، وكان له الرجوعُ على المديون بحقّه عليه ، ومتى لم يُبرئ المُحال له بالمال المُحيل في حال ما يُحيله ، كان له أيضاً الرجوعُ عليه في أيّ وقت شاء (١).
وكان الحسن البصري أيضاً لا يرى الحوالة مبرئةً إلاّ أن يُبرئه (٢).
واحتجّ الشيخ رحمهالله بما رواه زرارة ـ في الحسن ـ عن الصادق أو الباقر عليهماالسلام : في الرجل يحيل الرجل بمالٍ كان له على رجلٍ [ آخَر ] ، فيقول له الذي احتال : برئت ممّا لي عليك ، قال : « إذا أبرأه فليس له أن يرجع عليه ، وإن لم يُبرئه فله أن يرجع على الذي أحاله » (٣).
وهذه الرواية لا بأس بها ؛ لصحّة السند ، لكنّ المشهور عند الأصحاب والعامّة البراءة بمجرّد الحوالة ، فلا بدَّ من حمل الرواية على شيء ، وليس ببعيدٍ من الصواب حملها على ما إذا شرط المحيل البراءة ، فإنّه يستفيد بذلك عدم الرجوع لو ظهر إفلاس المحال عليه ، أو نقول : إذا لم يُبرئه ، فله أن يرجع على الذي أحاله إذا تبيّن له إعساره وقت الحوالة.
مسألة ٦٠٣ : يشترط في الحوالة رضا المحيل ـ وهو الذي عليه الحقّ ـ إجماعاً ، فلو أُكره على أن يحيل فأحال بالإكراه ، لم تصحّ الحوالة ، ولا نعرف فيه خلافاً ؛ لأنّ مَنْ عليه الحقّ مخيَّر في جهات القضاء ، فله أن يقضي من أيّ جهة شاء ، فلا يُعيَّن عليه بعض الجهات قهراً ، فلا يلزمه
__________________
(١) النهاية : ٣١٦.
(٢) المغني ٥ : ٥٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٥.
(٣) الكافي ٥ : ١٠٤ / ٢ ، التهذيب ٦ : ٢١١ ـ ٢١٢ / ٤٩٦ ، وما بين المعقوفين من المصدر.