وهي أربعة : مطالبة المستحقّ والضامن ، والرجوع ، وما يرجع به ، ففيها أربعة أنظار :
الأوّل : الضمان عندنا ناقلٌ للمال من ذمّة المضمون عنه إلى ذمّة الضامن ، فللمضمون له مطالبة الضامن بالمال ، وليس له مطالبة المضمون عنه ، عند علمائنا أجمع ـ وبه قال ابن أبي ليلى وابن شبرمة وداوُد وأبو ثور (١) ـ لما رواه العامّة عن أبي سعيد الخدري أنّه كان مع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في جنازة ، فلمّا وُضعت قال : « هل على صاحبكم من دَيْن؟ » قالوا : نعم ، درهمان ، فقال : « صلّوا على صاحبكم » فقال عليّ عليهالسلام : « يا رسول الله صلِّ عليه وأنا لهما ضامن » فقام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فصلّى عليه ثمّ أقبل على عليّ عليهالسلام فقال : « جزاك الله عن الإسلام خيراً ، وفكّ رهانك كما فككت رهان أخيك » فقلت : يا رسول الله هذا لعليّ خاصّةً ، أم للناس عامّة؟ قال : « للناس عامّة » (٢) فدلّ على أنّ المضمون عنه بري.
وعن جابر قال : توفّي صاحبٌ لنا فأتينا به النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ليصلّي عليه ، فخطا خطوة ثمّ قال : « أعليه دَيْنٌ؟ » قلنا : نعم ، ديناران ، فانصرف فتحمّلهما أبو قتادة ، فقال : الديناران عَلَيّ ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « وجب حقّ الغريم ، وبرئ الميّت منهما؟ » قال : نعم ، فصلّى عليه ، ثمّ قال بعد ذلك : « ما فعل الديناران؟ » قال : إنّما مات أمس ، قال : فعاد إليه من الغد فقال : قد
__________________
(١) الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٠١ / ١٠١٢ ، المغني ٥ : ٨٢ ، الشرح الكبير ٥ : ٧١ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٣٦ ، حلية العلماء ٥ : ٥٨.
(٢) سنن الدار قطني ٣ : ٧٨ ـ ٧٩ / ٢٩١ و ٢٩٢ ، المغني ٥ : ٨٢ ، الشرح الكبير ٥ : ٧١.