وفي الثاني : لا يكفي ، ويكون بمنزلة مَنْ لم يُشهد ؛ لأنّ الحقّ لا يثبت بشهادتهما (١).
وهو غلط ، كما لو فسقا بعد الإشهاد والأداء.
ولا تكفي شهادة مَنْ يُعرف ظعنه (٢) عن قريبٍ ؛ لأنّه لا يفضي إلى المقصود.
أمّا إذا أدّى من غير إشهادٍ ، فإن كان الأداء في غيبة الأصيل ، فهو مقصّر بترك الإشهاد ؛ إذ كان من حقّه الاحتياط وتمهيد طريق الإثبات. وإن كان بحضوره ، فلا تقصير.
مسألة ٥٤٩ : لو جحد ربّ الدَّيْن أداء الضامن إليه ، وادّعاه الضامن ، ولا بيّنة ، فإن كذّب الأصيل الضامنَ في الدفع ، لم يرجع عليه ، فإذا حلف ربّ الدَّيْن ، أخذ من الضامن ثانياً ، ويرجع الضامن على المضمون عنه بما أدّاه ثانياً ، إلاّ أن يكون الذي أدّاه أوّلاً أقلَّ مقداراً أو أقلَّ صفةً وادّعى رضاه به ، فإنّه يرجع بما أدّاه أوّلاً.
وإن صدّقه الأصيل ، فالأقوى : رجوع الضامن عليه بما أدّاه أوّلاً إن ساوى الحقّ أو قصر عنه ، لا بما يؤدّيه ثانياً بحلف المضمون له ، ويؤدّي الضامن إلى المضمون له ثانياً لحلفه.
وللشافعيّة فيه وجهان ، هذا أحدهما.
والثاني : أنّه ليس له الرجوع بما أدّاه أوّلاً وصدّقه عليه ؛ لأنّه لم يؤدّ بحيث ينتفع به الأصيل ، فإنّ ربّ المال منكر ، والمطالبة بحالها (٣).
__________________
(١) الوسيط ٣ : ٢٥٣ ، حلية العلماء ٥ : ٨٦ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ١٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٨١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٠٤.
(٢) ظعن : سار. الصحاح ٦ : ٢١٥٩ « ظعن ». والمراد هنا السفر.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٨١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٠٤.