المقترض ، بخلاف الوديعة ، فإنّها غير مضمونة على المستودع ، وهي أمانة في يده لا يؤمن تلفها ، فلا يرجع المفلس والغرماء إلى شيء. فإن لم يجد مَنْ يُقرضه إيّاه ، جَعَله وديعةً عند أمين. ولو أودع مع وجود المقترض الأمين المليّ ، كان جائزاً ، لكنّه يكون قد ترك الأولى.
إذا ثبت هذا ، فإنّه يقرض المال من المليّ الثقة حالًّا غير مؤجَّل ؛ لأنّ الديون حالّة.
ولو أجّله بأن شرط الأجل في بيعٍ وشبهه عندنا ومطلقاً عند مالك (١) ، لم يجز.
قال الشافعي : مال الصبي يودع ولا يقرض (٢).
وفرّق بعض أصحابه بأنّ مال الصبي يُعدّ لمصلحة تظهر له من شراء عقار ، أو تجارة ، وقرضه قد يتعذّر معه المبادرة إلى ذلك ، ومال المفلس مُعدٌّ للغرماء خاصّةً ، فافترقا (٣).
مسألة ٢٩٩ : إذا لم يوجد المقترض ، أودعه الحاكم عند الثقة ، ولا يشترط فيه اليسار ، بل إن حصل كان أولى.
وينبغي أن يودع ممّن يرتضيه الغرماء ، فإن اختلفوا أو عيّنوا مَنْ ليس بعَدْلٍ ، لم يلتفت الحاكم ، وعيّن هو مَنْ أراد من الثقات ، ولا يودع مَنْ ليس بعَدْلٍ.
ولو تلف شيء من الثمن في يد العَدْل ، فهو من ضمان المفلس ، وبه
__________________
(١) انظر : الحاوي الكبير ٦ : ٣١٨.
(٢) لم نعثر على نصّه ، وانظر : المهذّب ـ للشيرازي ـ ٣ : ٣٣٦ ، وحلية العلماء ٤ : ٥٢٩ ، والعزيز شرح الوجيز ٥ : ٨٣ ، وروضة الطالبين ٣ : ٤٢٦.
(٣) لم نعثر عليه فيما بين أيدينا من المصادر المتوفّرة.