الفصل الثاني : في شرائط الحجر عليه
قد ذكرنا (١) أنّ الشرائط خمسة : المديونيّة ـ ولا بُدَّ منه ؛ فإنّ مَنْ لا دَيْن عليه لا يجوز الحجر عليه ، غنيّاً كان أو فقيراً ـ مع بلوغه ورشده وعدم سفهه ، فلو حجر عليه الحاكم ، كان لغواً. ولو استدان بعد ذلك ، لم يمنع من الاستدانة ، وكذا لا يمنع من سائر التصرّفات ، ولا يؤثّر الحجر في منعه من التصرّف فيما اكتسبه من الأموال. ولأنّ سؤال الغرماء شرط (٢) في الحجر ، فلا يتحقّق من دون الدَّيْن.
مسألة ٢٦١ : من شرائط الحجر قصور أموال المديون عن الديون ، فلو ساوت الديون أو فضلت عنها ، لم يجز الحجر عند علمائنا ـ وهو أحد قولي الشافعي ـ لأصالة عدم الحجر ، ورفع اليد عن العاقل ، ثبت خلافه فيما إذا قصرت أمواله عن ديونه حفظاً لأموال الغرماء ، فبقي الباقي على الأصل. ولأنّ الغرماء يمكنهم المطالبة بحقوقهم واستيفاؤها في الحال.
والثاني له : الحجر إذا ظهرت عليه أمارات الفلس (٣).
وهو ممنوع ؛ لأنّ في ماله وفاء ديونه ، فلم يحجر عليه ، كما لو لم تظهر أمارات الفلس.
__________________
(١) في ص (٦).
(٢) هذا هو الشرط الخامس كما يأتي في ص ٢٠ ، المسألة ٢٦٧.
(٣) التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧ ـ ٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٦٥.