وكونه جَدّاً ليس تحته معنى يقتضي الحكم ، ولا أصل له في الشرع يشهد له بالاعتبار ، فيكون إثباتاً للحكم بالتحكّم.
ثمّ هو ثابت في مَنْ له دون هذا السنّ ، فإنّ المرأة تكون جَدّةً لإحدى وعشرين.
وقياسهم منتقض بمَنْ له دون خمس وعشرين سنة ، وموجب الحجر قبل خمس وعشرين ثابت بعدها ، فيثبت حكمه.
مسألة ٤١٠ : هذا المحجور عليه للسفه قبل بلوغه خمساً وعشرين سنة وبعد بلوغه بالاحتلام لا ينفذ تصرّفه البتّة في شيء ، ولا ينفذ إقراره ، ولا يصحّ بيعه ، عند علمائنا أجمع ـ وبه قال الشافعي (١) ـ لأنّه لا يدفع إليه ماله ؛ لعدم رشده ، فلا يصحّ تصرّفه وإقراره ، كالصبي والمجنون. ولأنّه إذا نفذ إقراره وبيعه ، تلف ماله بذلك ، ولم يُفد منعه من ماله [ شيئاً ] (٢).
وقال أبو حنيفة : يصحّ بيعه وإقراره ، وإنّما لا يسلّم إليه ماله إلاّ بعد خمس وعشرين سنة.
وبنى ذلك على أصله من أنّ البالغ لا يُحجر عليه ، وإنّما يمنع من تسليمه المال ؛ للآية (٣) (٤).
وهو خطأ ؛ فإنّ تصرّفه لو كان نافذاً ، لسُلّم إليه ماله ، كالرشيد. ولأنّه لا فرق بين أن يسلّم إليه أو إلى مَنْ يقبضه بسببه ، فإنّه إذا باع ، وجب
__________________
(١) التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ١٣٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤١٧.
(٢) ما بين المعقوفين أضفناه لأجل السياق.
(٣) الأنعام : ١٥٢ ، الإسراء : ٣٤.
(٤) الاختيار لتعليل المختار ٢ : ١٥٣ ، بدائع الصنائع ٧ : ١٧١ ، الهداية ـ للمرغيناني ـ ٣ : ٢٨١ ، حلية العلماء ٤ : ٥٣٦ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ٥٥٥.